الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الاستماع إلى أجنبية تغني بلا معازف

السؤال

أود أن أعرف هل يجوز سماع -دون معازف- صوت امرأة أجنبية تغني, علما أنها ليست حاضرة, بل مجرد تسجيل, وهي ليست بالبلاد التي أقطن فيها, والكلمات ليست من التي تثير المرء ...

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجوز للرجل الاستماع إلى غناء امرأة أجنبية عنه ولو كان هذا بلا معازف أو بدون حضور مجلس الغناء ومشاهدة المغنية لأن الغالب على الغناء هو ترقيق الصوت وتحسينه والتكسر في الكلام مما يؤدي إلى التلذذ بالصوت المطرب وثوران الشهوات، قال الرحيباني في مطالب أولي النهى: وصوت الأجنبية ليس بعورة, ويحرم تلذذ بسماعه أي: صوت المرأة غير زوجته وسريته, (ولو) كان صوتها (بقراءة) لأنه يدعو إلى الفتنة بها, وتقدم في الصلاة أنها تسر بالقراءة إن سمعها أجنبي.

ونذكر السائل بقول الله تعالى: وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {النور: 31}

فهل يعقل أن يمنع الشرع المرأة من إبداء صوت خلخال في قدمها حتى لا يثير الرجال ثم يبيح للرجل الاستماع للمرأة وهي تغني وترقق صوتها؟!

ومن مقدمات الكبائر ما يكون عن طريق الاستماع، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَى مُدْرِكٌ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاِسْتِمَاعُ وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلاَمُ وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ رواه البخاري ومسلم- واللفظ له.

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: صوت المرأة نفسه ليس بعورة ، لا يحرم سماعه إلا إذا كان فيه تكسر في الحديث، وخضوع في القول ، فيحرم منها ذلك لغير زوجها ، ويحرم على الرجال سوى زوجها استماعه ؛ لقوله تعالى: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا {الأحزاب:32} انتهى .

ويقول القرطبي في تفسير الآية السابقة: أي : لا تلن القول . أمرهن الله أن يكون قولهن جزلا وكلامهن فصلا ، ولا يكون على وجه يظهر في القلب علاقة بما يظهر عليه من اللين ، كما كانت الحال عليه في نساء العرب من مكالمة الرجال بترخيم الصوت ولينه ، مثل كلام المريبات والمومسات . فنهاهن عن مثل هذا. قوله تعالى : (وقلن قولا معروفا) قال ابن عباس : أمرهن بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والمرأة تندب إذا خاطبت الأجانب وكذا المحرمات عليها بالمصاهرة إلى الغلظة في القول، من غير رفع صوت، فإن المرأة مأمورة بخفض الكلام.

وعلى الجملة فالقول المعروف: هو الصواب الذي لا تنكره الشريعة ولا النفوس.انتهى الجامع لأحكام القرآن.

وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 59203 ،36348، 102827 .

وقد سبق بيان تحريم الاستماع إلى المعازف والأدلة على ذلك وأقوال أهل العلم فيه، كما سبق تفصيل حكم الغناء وأنواعه في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 46392 ، 4588 ، 16261 ، 6110، 5282 ، 66001 فراجعها .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني