الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نوى طلاق امرأته وطلب منها التنازل عن بعض مهرها وهي لا تعلم نيته

السؤال

سؤالي: ما هو حكم طلبي من زوجتي التنازل عن جزء من مؤخر الصداق أو كله ـ وقد وافقت على ذلك ـ إن كان في نيتي تطليقها وهي لا تعرف ذلك؟.
وسؤال آخر: هل يجوز تقسيط مؤخر الصداق في حال وقوع الطلاق؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالزوجة إذا كانت بالغة رشيدة وتنازلت عن بعض مؤخر صداقها أو جميعه، صح تنازلها ونفذت هبتها إن كانت مالكة لأمرها، بحيث كانت بالغة، جاء في المغني لابن قدامة ما يلي: وإذا عفت المرأة عن صداقها الذي لها على زوجها أو عن بعضه، أو وهبته له بعد قبضه, وهي جائزة الأمر في مالها، جاز ذلك وصح، ولا نعلم فيه خلافا، لقول الله تعالى: إلا أن يعفون. يعني الزوجات. وقال تعالى: فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا. انتهى.

وقال القرطبي في تفسيره: واتفق العلماء على أن المرأة المالكة لأمر نفسها إذا وهبت صداقها لزوجها نفذ ذلك عليها. انتهى.

وإن وافقت زوجتك على التنازل عن بعض مؤخر الصداق وهي لا تعلم بما تريد من طلاقها ولو علمت بذلك لما وافقت على التنازل، فلا تلزمها هذه الهبة، ولها الرجوع فيها، لأن تنازل المرأة عن صداقها أو بعضه إنما يكون غالبا من أجل دوام استمرار الزوجية، قال الحطاب المالكي في مواهب الجليل: ولو سألها أن تضع عنه صداقها دون أن يحلف على ذلك بالطلاق، فلما وضعته عنه طلقها بحِدثان ذلك كان لها أن ترجع عليه بما وضعت عنه، لأنها إنما وضعت عنه ذلك رجاء استدامة العصمة، فلما لم يتم لها المعنى الذي وضعت الصداق عنه بسببه وجب لها الرجوع به. انتهى.

وقال المواق في التاج والإكليل: قال ابن رشد: لا فرق في وضع المرأة صداقها عن زوجها أن تضعه عنه وتسكت أو تقول له على أن لا تطلقني أبدا, فإنها ترجع عليه متى ما طلقها, كان ذلك بالقرب أو بعد طول من الزمان. انتهى.

وفي حال وقوع الطلاق مع حلول مؤخر الصداق وكنت عاجزا عن أداء جميعه دفعة واحدة، فلك تقسيطه ـ بحسب استطاعتك ـ ولا يحق لزوجتك المطالبة بتعجيله جميعا، لوجوب إنظارك إلى وقت القدرة على الأداء، فقد قال تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:280}.

وإن قدرت على دفع جميع المؤخر، فلا يجوز لك تقسيطه إلا برضا الزوجة، لأن مطل الغني ظلم، كما في الحديث الصحيح، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 115888.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني