الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم بقاء الرجل في دار الكفر لرعاية ولده

السؤال

أنا من ليبيا ولكني مقيم حالياً ومنذ ٨ سنين في السويد. أنا محتاج إلى فتوى من الموقع. في ورطة وهم كبير وأدعو الله كثيراً من أجل الفرج من عند الله. أنا أتيت إلى السويد عام ٢٠٠٢ واشتغلت في البداية في التنظيف، وكنت أرتكب المعاصي مثل الزنا و شرب الخمور، والذهاب الى المراقص حتى تعرفت على فتاة من المرقص الملعون، وعاشرت هذه الفتاة بالزنا بدون زواج عدة أشهر من أجل الإقامة في السويد؛ لأن الإقامة كانت صعبة جداً، وكنت أشرب كثيراً من الخمور، وكانت الفتاة تعيش معي في مسكني عدة شهور حتى قررنا أحد الأيام أن نقول لبعض أنا زوجتك نفسي، وفعلاً قلنا ذلك لبعض. ثم بعد ذلك بشهر أو شهرين قررنا أن نحصل على طفل وفعلاً بعد ذلك حملت الفتاة وعلمت أنها حامل بعد أن تركتها بأسبوع، فاضطررت أن أذهب بها إلى المسجد، وأنا أتمنى بداخلي أن لا يوافق الشيخ على زواجنا، وفعلا لنقص الأوراق وولي الأمر، وأيضاً لأنها ليست مؤمنة بشيء، وتقول إنها تعلم بأنه يوجد الله لم يوافق الشيخ على الزواج، وهكذا استمررت معها بدون زواج منذ اكتوبر ٢٠٠٣ حتى مايو ٢٠٠٦ أي أكثر من عامين ونصف العام حتى ذهبنا إلى شيخ من مدينة أخرى، ولم نقل له إن عندنا طفلا، وزوجنا الشيخ فقط بوجود عدد ٢ من الشهود، وهو الشيخ نفسه كاتب العقد، ولكن ولي أمرها كان هي نفسها ووافق الشيخ على ذلك بدون تردد، علما أن أباها حي، وهكذا حتى أننا انفصلنا بعد ذلك في فبراير ٢٠٠٨، وبعد ذلك بدأت المشاكل والهموم علما أني تركتها لأني استيقظت من السبات العميق وندمت بشدة وتبت لله، وأنا مازلت نادماً على كل ما فعلت، ولا أعلم لماذا فعلت كل هذه الفواحش، كأنني كنت مسحوراً، ومازلت أعاني من هذا، وذلك لقلة معرفتي بالدين، فأنا من بيت جيد يعرف الصلاة والصيام ويخاف الله، ولكن ليسوا مثقفين دينياً. والآن أنا متزوج من أخت مسلمة وننتظر طفلا وأنا منتظم في صلاتي وفي دينى. والآن أعزم على العودة إلى ليبيا للبحث عن عمل ومسكن، وسوف أحضر زوجتي معي بعد تجهيز مسكن وعمل. السؤال هو: هذا الطفل عمره الآن ٥ سنوات وشهران، و يأتيني كل أسبوعين مرة، ويبقى عندي يومين لكنه لا يحب البقاء عندي، فهو يحب البقاء معهم لأنهم يشترون له دائماً الألعاب وأفلام الكرتون المخربة، أهل أمه لا يريدونه أن يكون مسلماً حتى أنهم يحاربون ذلك بكل الطرق، وأنا أفعل كل ما بوسعي فهو دائما إذا اشتريت شيئا لا يحبه يرميه على الحائط ويقول إنه لا يريد البقاء ويريد أمه وجدته حتى أنه أحيانا يهينني ويقول لي إنه لا يريد الذهاب إلى ليبيا، ولا يريد أن يكون مسلما لأنهم لا يحبون الاسلام، فيعلمونه ذلك وأنا أعاني كثيراً حتى أنني صرت أكرههم كثيرا، وادعو الله أن يأخذ هذا الطفل، فإنه عندما يأتيني أصبح مريضا. والله أنا في حيرة شديدة أحب الطفل ولكن لا أحبه في نفس الوقت، علما أنهم يمنعون الطفل من السفر إلى ليبيا، ويحاولون أن يأخذوا نصف الحضانة التي باسمي، والآن قرروا رفع القضايا علي عند ما علموا أنني أنوي الانتقال إلى ليبيا إن شاء الله، علماً بأنني بلغت عنها عدة مرات لأنها غير مهتمة بالولد مع الدليل، فخدعوني وساعدوها وبعد أن رافعت محامي ولأنه مسلم واسمه عبدالله أخروا الموافقة حتى مرت ثلاثة شهور، وأصلحت أم الولد من حالها أرسلوا لي يقولون إنهم لا يوافقون على هذا المحامي اختر غيره، وعندما راسلتهم أسأل عن سبب رفض هذا المحامي فردوا علي إنه لا مانع الآن من هذا المحامي، فعلمت بأنهم كانوا يماطلون من أجل أن أم الولد تصلح من حالها؛ لأنها كانت غارقة في الديون والسهر فساعدوها على ذلك ضدي لمجرد أنني مسلم.
والأن أمه تريد أن تأخذ كل الحضانة علماً أن حضانة الطفل قانونياً هنا في السويد بالنصف بين الأب والأم. هل يجب علي إعطاؤها الحضانة علماً أنه من الصعب جداً الاعتناء به معهم. هل هذا الطفل غير شرعي ولا يحق لي تسجيل اسمه على اسمي، علماً أنه يحمل اسمي الآن؟ وأريد أن أعرف هل يجب علي البقاء في السويد من أجل رعايته، علماً أنه من الصعب رعاية نفسي في هذا البلد، كيف بالطفل. علما أنني أحيانا أسأله ترديد بعض سور القرآن القصيرة ورائي فيقول لا أستطيع هناك شيء يقول لي لا تقل، وأحيانا يسبقني في ترديدها، وأحيانا أخرى يريني كيف يتعامل مع بنت صديقة أمه ويشرح لي على الوسادة كيف يزني بها. الحمدلله ولكني كنت جاهلا بديني، والآن أنا ملتزم وأحب ديني جدا، فأشعر أنني غني جدا لأني أشعر برحمة الله. هل حديث الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الولد للفراش وللعاهر الحجر. فماذا أفعل بالله عليكم الله يرزقكم الفردوس ورفقة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. وجزاكم الله خيرا. أسألكم بالله أن تجيبوني بارك الله فيكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فزواجك من تلك المرأة كان زواجا باطلا لكونها كافرة غير كتابية، و ليست عفيفة، ولم يزوجها وليها، وانظر شروط زواج الكتابية في الفتوى رقم: 80265.

أمّا نسب الطفل الذي حملت به بعد ما دار بينها و بينك من صيغة الزواج، فإنّه وإن كانت هذه الصيغة لا يترتب عليها صحة النكاح، إلا أنك إذا كنت قد فعلت ذلك معتقدا صحة هذا الزواج فالظاهر –والله أعلم- أنّ الولد ينسب لك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وَمَنْ نَكَحَ امْرَأَةً " نِكَاحًا فَاسِدًا، مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ، أَوْ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ أَوْ مَلَكَهَا مِلْكًا مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ، أَوْ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ، أَوْ وَطِئَهَا يَعْتَقِدُهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ، أَوْ أَمَتَهُ الْمَمْلُوكَةَ فَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْهَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ، وَيَتَوَارَثَانِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ.

إلى أن يقول: كمن وطئ في نكاح المتعة أو نكاح المرأة نفسها بلا ولي ولا شهود فإن هذا إذا وطئ فيه يعتقده نكاحا لحقه فيه النسب. الفتاوى الكبرى.

فالواجب عليك أن تبذل جهدك لضمّ هذا الولد إليك وتعليمه الإسلام وتنشئته على الفضائل، ولا يجب عليك البقاء في هذا البلد لرعاية ولدك، بل ما دمت لا تأمن على نفسك الفتنة فلا يجوز لك البقاء فيه، وانظر الفتويين: 23168، 2007.

فإن أمكنك السفر بابنك إلى بلدك وإلا فلتنج بنفسك، ولتجتهد بقدر استطاعتك في التواصل مع ولدك ومداومة توجيهه وتعليمه.

وعليك بالصدق في توبتك مما كان منك من فواحش ومنكرات، وأن تستر على نفسك ولا تجاهر بذنبك، وأن تكثر من الأعمال الصالحة والحسنات الماحية كالصلاة والصدقة والصوم والحجّ والعمرة وبر الوالدين وصلة الأرحام والذكر والدعاء. وانظر الفتوى رقم: 5450.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني