الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم النظر إلى النساء الأجنبيات بغير شهوة

السؤال

هل عدم غض البصر عن الفتيات أو النساء يعتبر معصية، علما أنني لا أنظر إليهم بغرض الشهوة إطلاقا ولكنه مجرد نظر عادي جدا جدا؟ واذا كان معصية فإنني سمعت أن المعصية لها أثر على العقل والقلب وطلب العلم الشرعى والدنيوى والحفظ. فما علاقة نظرة إلى الفتيات أو النساء ليس من ورائها أي قصد للشهوة ولا أفكر في الفتاة أو المرأة التي نظرت إليهاعلى الإطلاق. فكيف يؤثر ذلك على الحفظ وطلب العلم سواء الشرعى أو الدنيوي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن أمور الحلال والحرام وسائر الأحكام الشرعية إنما يرجع في تحديدها إلى نصوص الشرع المعصوم ولا يجوز للإنسان أن يعمل عقله في ذلك معترضا فيقول: ما بال هذا الأمر قد حرمه الله وهذا قد أحله؟ فإن هذا هو مسلك الكفار من اليهود وأشباههم الذين ذم الله مسلكهم وعابه بقوله: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا.{البقرة: 275}.

فرد الله سبحانه عليهم ذلك بقوله: وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا. {البقرة: 275}.

يقول ابن كثير رحمه الله: { إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا } أي: هو نظيره، فلم حرم هذا وأبيح هذا؟ وهذا اعتراض منهم على الشرع، أي: هذا مثل هذا، وقد أحل هذا وحرم هذا!وقوله تعالى: { وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } يحتمل أن يكون من تمام الكلام ردًا عليهم، أي: قالوا: ما قالوه من الاعتراض، مع علمهم بتفريق الله بين هذا وهذا حكما، وهو الحكيم العليم الذي لا معقب لحكمه، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وهو العالم بحقائق الأمور ومصالحها، وما ينفع عباده فيبيحه لهم، وما يضرهم فينهاهم عنه، وهو أرحم بهم من الوالدة بولدها الطفل. انتهى.

والله سبحانه قد حرم على الرجال النظر إلى النساء سواء كان هذا النظر بشهوة أو بغير شهوة لكن لا شك أن النظر بشهوة أقبح وأشد تحريما وهذا يعم كل بدن المرأة على الراجح من كلام أهل العلم، وخالف في ذلك بعض العلماء فذهبوا إلى أن ما جاز للمرأة كشفه من الوجه والكفين على مذهبهم يجوز النظر إليه بغير شهوة أما النظر بشهوة فهو محرم بالإجماع، وقد بينا هذا في الفتاوى: 7216، 36031، 5776.

والخلاصة أن النظر إلى ما سوى الوجه والكفين من المرأة محرم إجماعا سواء كان بشهوة أو بغير شهوة والنظر إلى الوجه والكفين كذلك على الراجح.

أما تأثير النظر على الحفظ والفهم فهذا من عقوبات الله سبحانه للعصاة وهو سبحانه لا يسأل عما يفعل وقد قال سبحانه: لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا.{النساء:123}. وراجع الفتوى رقم: 121167.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني