الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

زوجي رجل عصبي وعندما يجد أي خلل في شغل البيت يكفر ويقول ألفاظ الكفر ويقول لي أنت السبب
وأنا أحاول أن أقلل من غضبه، لكي لا يكفر، وعندما يهدأ يكون أحسن رجل في العالم يصلي ويستغفر، فماذا أفعل؟ علما بأن لي أولادا منه وأحبه كثيرا وأخاف عليه من عقاب الله.
أرشدوني بسرعة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلم تبيني لنا ـ أيتها السائلة ـ ماهية هذه الألفاظ التي يتلفظ بها الزوج حال غضبه لننظر هل هي ألفاظ كفرية؟ أم مجرد معصية لا ترتقي بصاحبها إلى حد الكفر بالله ومفارقة دين المسلمين؟ لكننا ـ على أية حال ـ نقول: إن كنت على يقين من كون هذه الألفاظ ألفاظا كفرية ـ كسب الله تعالى أو سب أحد أنبيائه أو دينه ونحو ذلك ـ فإن المتلفظ بهذا يكفر ولا عذر له بحال، وقد سئل الشيخ عليش المالكي: ما قولكم في رجل جرى على لسانه سب الدين من غير قصد؟ هل يكفر أو لا بد من القصد؟ فأجاب: نعم ارتد، لأن السب أشد من الاستخفاف، وقد نصوا على أنه ردة، فالسب ردة بالأولى، وفي المجموع: ولا يعذر بجهل وزلل لسان. انتهى من فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك.

وقد نص القرآن على أن الردة تحبط الأعمال، فقال تعالى: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {المائدة: 5}.

وعلى ذلك، فلا ينتفع زوجك بإيمان يؤمن فيه بربه حال الرضا ثم يكفر به حال الغضب إلا أن يتوب إلى ربه توبة صادقة.

ومن أحكام الردة: التفريق بين المرتد وزوجته، واختلف العلماء في نوع الفرقة هل هي فسخ؟ أم طلاق بائن؟ وسبق بيان كل ذلك في الفتوى رقم: 25611.

والقائلون بالفسخ اختلفوا متى تحصل الفرقة؟ هل تحصل فور حصول الردة فلا تحل له إن تاب إلا بعقد جديد؟ وهذا مذهب الحنفية.

أو يفرق بين ما إذا حصلت الردة قبل دخول فيفسخ فورا، وبين ما إذا حدث بعد الدخول، فلا تحصل الفرقة إلا إذا انقضت العدة ولم يتب مع منع الوطء قبل التوبة، قال ابن قدامة الحنبلي في المقنع: وإن ارتد أحد الزوجين قبل الدخول انفسخ النكاح ولا مهر لها إن كانت هي المرتدة، وإن كان هو المرتد فلها نصف المهر، وإن كانت الردة بعد الدخول فهل تتعجل الفرقة على انقضاء العدة؟ على روايتين. انتهى.

والراجح ـ والعلم عند الله ـ أن النكاح يوقف على العدة، فإن رجع الزوج إلى الإسلام وتاب إلى الله ردت إليه زوجته، وإلا انفسخ النكاح بانتهاء العدة، جاء في كتاب الأم للإمام الشافعي: فإن ارتد الزوج بعد الوطء حيل بينه وبين الزوجة، فإن انقضت عدتها قبل أن يرجع الزوج إلى الإسلام انفسخ النكاح، وإن ارتدت المرأة أو ارتدا جميعا أو أحدهما بعد الآخر فهكذا أنظرا أبدا إلى العدة، فإن انقضت قبل أن يصيرا مسلمين فسختها، وإذا أسلما قبل أن تنقضي العدة فهي ثابتة. انتهى.

وعلى كل، فالواجب عليك أن تنصحي لزوجك وتبيني له حكم هذه الألفاظ وتطلبي منه التوبة إلى الله وتجديد إسلامه، هذا إذا لم تكن العدة قد انتهت من وقت ردته قبل أن يتوب منها وإلا وجب تجديد النكاح، فإن أصر على ما هو عليه أو رفض استماع النصيحة ـ أصلا ـ فاسعي في فراقه، فإنه لا يجوز البقاء معه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني