الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يعيد الوضوء إذا أخبره شخص بأنه انتقض

السؤال

من تيقن الطهارة ثم شك بالحدث فالأصل الطهارة، هكذا القاعدة تقول، لكن لو أن شخصا قال لي إن وضوءك قد انتقض فقد شممت رائحة منك أو سمعت صوتا منك، هل يجب علي أن أعيد الوضوء، سواء أكان من قوله صحة لوجود قرينة مثل أنني في ذلك اليوم كان عندي إسهال في بطني. فهل يجب أن أصدقه في هذه الحالة فقط لوجود القرينة، أما لو لم تكن هناك قرينة لا أصدقه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فتصور وقوع مثل هذه المسألة بعيد جدا، ولكن على فرض وقوعها فإن الأصل هو أن اليقين لا يزول بالشك، وخبر الواحد لا يفيد اليقين، فيبقى أصل الطهارة مستصحبا لأنه المتيقن، وقد ذهب بعض العلماء إلى أنه يقبل خبر العدل في هذه الحال إقامة للظن الغالب مقام اليقين، وقد ناقش الشافعية هذه المسألة فيما إذا نام نوما غير ناقض على صفته المعروفة عندهم، فأخبره مخبر عدل أن وضوءه قد انتقض هل يلزمه قبول خبره أو لا، والذي رجحه ابن حجر الهيتمي أنه يلزمه قبول خبره.

وقد جاء في فتاويه أنه: سُئِلَ أخبره عَدْلٌ أَنَّهُ خَرَجَ منه حَدَثٌ فَهَلْ يَلْزَمُهُ قَبُولُ خَبَرِهِ أو لَا كما أَفْتَى بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْيَمَنِ فَأَجَابَ: الصَّوَابُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَزَعَمَ أَنَّ خَبَرَهُ لَا يُفِيدُ الْيَقِينَ بَلْ الظَّنَّ وَلَا يُرْفَعُ يَقِينُ طُهْرٍ بِظَنِّ حَدَثٍ يُبْطِلُهُ أَنَّهُ لو أخبره بِوُقُوعِ نَجَاسَةٍ في الْمَاءِ لَزِمَهُ قَبُولُ خَبَرِهِ مع وُجُودِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَوَجْهُهُ أَنَّ هذا وَإِنْ كان ظَنًّا إلَّا أَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْيَقِينِ شَرْعًا في أَبْوَابٍ كَثِيرَةٍ" انتهى

ونقل البجيرمي عن شرح العباب لابن حجر قوله فيه: وظاهر كلامهم أنه لو أخبره عدل بلمسها له أو بنحو خروج ريح منه في حال نومه متمكنا وجب عليه الأخذ بقوله ولا يقال الأصل بقاء الطهارة فلا يرتفع بالظن إذ خبر العدل إنما يفيده فقط لأنا نقول هذا ظن أقامه الشارع مقام العلم في تنجيس المياه وغيرها.

ثم نقل عن الشيخ علي الشبراملسي قوله: " والمعتمد خلافه فلا نقض بأخبار العدل بشيء مما ذكر، ثم قال البجيرمي مؤيدا الثاني: لأن خبر العدل يفيد الظن ولا يرتفع يقين طهر أو حدث بظن ضده" انتهى

والذي ينبغي هو الوضوء في هذه الحال إبراءا للذمة وعملا بالأحوط، وبخاصة إذا وجدت قرينة تدل على صحة خبر هذا المخبر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني