الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا حرج على من أخذ بقول بدا له رجحانه

السؤال

قرأت لكم فتوى تخالف كثيرا من الأراء التى سمعتها في هذا الموضوعرقـم الفتوى : 135861عنوان الفتوى : ما يفعل من شك في قراءة الفاتحة بعد ما ركع.
حيث إني على ما أذكر سمعت أن من شك في شيء في الصلاة فليأت به وبالذى بعده ثم يسجد للسهو.وعليه بالنسبة لموضوع من رفع من الركوع وشك هل قرأ الفاتحة قراءة صحيحة أم لا؟ فالواجب عليه إعادة قراءتها والركوع والرفع منه وسجود السهو بعد السلام. في فتواكم أخذتم برأي الشافعية لكن ما رأيكم فيما ذكرتم حيث إن عددا من المفتين يفتي به؟ما مدى صحة ذلك ؟ وهل هو موجود في أراء المذاهب الأخرى ؟ ولماذا أخذتم برأي الشافعية فقط؟
أنا عملت بذلك أكثر من مرة لأني سمعت هذا الكلام؟ هل هو فاسد ويجب إعادة الصلوات التي حدث فيها ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنحب أن نبين لك أولا أن مسائل الاجتهاد مما لا يثرب على من اختار أحد القولين فيها، فمن بدا له رجحان قول ما أو قلد ثقة يرجح قولا ما في مسألة من مسائل الاجتهاد فقد أحسن في ذلك، ولا ينبغي أن يتوجه إليه لوم لأنه قد فعل ما هو مطالب به، ونحن إنما نرجح ما نراه راجحا من وجهة نظرنا، ولا نلزم غيرنا باختيار ما نختاره أو ترجيح ما نرجحه، فإذا خالفنا هؤلاء المفتون الذين سمعت فتاواهم فلا حرج عليهم إذا كانوا يفتون بما يرونه صوابا، ولا حرج على من قلدهم إن كانوا أهلا لأن يقلدوا، وأما هذه المسألة التي سألت عنها فنحن إنما رجحنا مذهب الشافعية لما بيناه في الفتوى المذكور رقمها، وذلك أن الشك في ترك الحروف والآيات يكثر فعفي عنه رفعا للحرج، وأيضا فإن الظاهر أنه قرأ المشكوك فيه فأعمل هذا الظاهر وإن كان مخالفا للأصل رفعا للحرج، ومذهب المالكية كمذهب الشافعية في هذا بل أسهل، فإن عندهم أن من نسي آية من الفاتحة يجبرها بسجود السهو فمع الشك أولى.

قال في مواهب الجليل: ( الثالث ) : إذا وقع اللحن من المصلي في الصلاة ، فلا يخلو : إما أن يكون سهوا أو غير سهو فإن كان سهوا ، فلا شك أن ذلك لا يبطل الصلاة سواء وقع في الفاتحة أو في غيرها ، وسواء غير المعنى أم لم يغيره ؛ لأن غايته أن يكون ذلك بمنزلة من تكلم في الصلاة سهوا ، وذلك لا يبطلها ، وغايته أيضا أن يكون اللاحن أسقط من الفاتحة كلمة أو كلمتين أو ثلاثا سهوا ؛ لأن ذلك أكثر ما يمكن أن يقع فيه اللحن سهوا في الغالب ، وذلك لا يبطلها ؛ لأنه قد تقدم أن من ترك آية منها سجد للسهو ، ولا تبطل صلاته فكيف بالكلمتين والثلاث فكيف بمن لم يترك ذلك حقيقة. انتهى.

وأما الحنابلة فلم نر لهم نصا في خصوص المسألة وكونهم صرحوا بأن من شك في ركن فكمن تركه.

كما قال في الروض: وإن شك المصلي في ترك ركن فكتركه أي فكما لو تركه يأتي به وبما بعده. انتهى.

نقول كونهم صرحوا بهذا لا يكفي لأن يفهم عنهم أن الحكم كذلك في مسألتنا هذه. لأن الشافعية يشاركونهم في هذا الأصل. فإذا تبين لك ما ذكرناه، وعلمت أن من عمل بقول ما يرى صحته أو يقلد من يفتي به من الثقات فلا حرج عليه لم يبق لسؤالك عن لزوم الإعادة وجه، وقد بينا أنه على ترجيحنا لا تلزم الإعادة أيضا لمن عاد لقراءة المشكوك فيه من الفاتحة بعد ما ركع إذا كان متأولا يعتقد جواز ذلك. وراجع الفتوى المذكور رقمها في السؤال وما أحيل عليه فيها.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني