الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رد شبهات حول زواجه عليه والصلاة والسلام من عائشة وخديجة

السؤال

1-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..هناك الآن حملة واسعة لتشويه الإسلام ورسوله .. ولقد سمعت العديد من البرامج التي تشكك في الدين الإسلامي وذلك من خلال التركيز على النقاط التالية : زواج الرسول الكريم من السيدة عائشة وهي طفلة صغيرة واعتبار ذلك ممارسة الجنس مع الأطفال .....بالإضافة إلى تعدد زوجات الرسول وزواجه من السيدة خديجة على أنه زواج مصلحة ...كما ذكروا حديثا عن السيدة عائشة عندما قال لها الرسول إنه سيتزوج أخرى فقالت له ما معناه إني أرى الله يتبع هواك ... وذكروا أنه حديث ورد ذكره في صحيح البخاري..أرجو شرح كل تلك الأمور للعامة وذلك لأنها سببت لبساً كبيراً للعديد من مستخدمي الإنترنت وورد ذكر ذلك في غرفة محادثة مع قساوسة مسيحيين مصريين في موقع paltalk....

الإجابــة

الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فما فتئ أهل النفاق والشرك يطعنون في دين الله، وقد سلكوا في ذلك كل مسلك شائن، حتى تجرأوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، واتهموه بما ليس فيه، وهو الذي أجمع أعداؤه قبل أتباعه على أنه أنبل شخص عرفته البشرية، وما ذكر في السؤال هو من التهم التي هي أوهى من خيط العنكبوت، ولمعرفة الحكمة من تعدد زواجه صلى الله عليه وسلم ينظر الجواب رقم:
1570 ورقم: 12207
ولا ضير أن يتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم من خديجة رضي الله عنها لمصلحة يرجوها، فالزواج مليء بالمصالح المتبادلة بين الزوجين، مع أن المعروف أن خديجة رضي الله عنها هي التي حرصت على الزواج من النبي صلى الله عليه وسلم لما لمست فيه من الأمانة وحميد الشمائل، وبعثت إليه تطلب منه الزواج بها. وأما زواجه من عائشة رضي الله عنها فهو تزوج بها وهي صغيرة.
ومثل هذا الزواج كان معروفاً في الجاهلية، وجاء الإسلام وأقره، وهو أن الصغيرة تخطب وتتزوج بإذن وليها، وقد كانت عائشة مخطوبة قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن مطعم بن عدي، كما ذكر ذلك الطبري وابن كثير، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدخل بها إلا بعد أن أصبحت صالحة للجماع، فقد روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم لست سنين، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين.
وبنت تسع سنين صالحة للوطء وبالغة مبلغ النساء في كثير من البلدان، وهذا يختلف باختلاف الأشخاص والبيئات، قال النووي: قال الداودي: وكانت قد شبت شباباً حسناً رضي الله عنها. ولما كانت أعرف بنفسها وأنها بلغت مبلغ النساء قالت -كما روى عنها الترمذي-: إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة.
ولذلك نص العلماء كمالك والشافعي وأبي حنيفة على أن المرأة لا تجبر على الوطء إلا إذا أطاقته، ويختلف ذلك باختلافهن، ولا يضبط بسن معين.
وأما قولهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم يتبع هواه فإنهم يعتمدون في ذلك على ما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقول: أتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله تعالى: (ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك) قلت: ما أرى ربك إلا يسارع في هواك.
ومعنى الحديث: أن الله سبحانه وتعالى خص نبيه من بين سائر المؤمنين بأن أي امرأة وهبت نفسها له فله أن ينكحها. فعند نزول الآية المذكورة قالت عائشة: ما أرى ربك إلا يسارع في هواك. ومعناه كما قال ابن حجر: (أي ما أرى الله إلا موجداً لما تريد بلا تأخير، منزلا لما تحب وتختار. وقال القرطبي: هذا قول أبرزه الدلال والغيرة، وهو من نوع قولها: ما أحمدكما ولا أحمد إلا الله. وإضافة الهوى إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا يحمل على ظاهره لأنه لا ينطق عن الهوى، ولا يفعل بالهوى، ولو قالت إلى مرضاتك لكان أليق، و لكن الغيرة يغتفر لأجلها إطلاق مثل ذلك.
وهذا الحديث دليل على عفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدم شهوانيته، لأن الله أباح له أي امرأة تهب نفسها له، وجاءه كثير من النساء وعرضن أنفسهن عليه وردهن، فقد أخرج الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لم يكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة وهبت نفسها له. قال ابن حجر في الفتح: وإسناده حسن، والمراد أنه لم يدخل بواحدة ممن وهبت نفسها له، وإن كان مباحاً له، لأنه راجع إلى إرادته لقوله تعالى (إن أراد النبي أن يستنكحها). انتهى.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني