الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يحل أكل الطعام المهدى إذا أخذ بغير إذن صاحبه

السؤال

يقوم أحد أقاربي الذي يعمل في جنينة بإرسال بعض الفواكه لنا وأمتنع عن أكلها، لأنني سمعت أنه يأخذها دون علم من يشغله، ودائما أكون في حيرة، لأنني أخاف أن أكون قد ظلمته، وإن أكلتها ربما آكل الحرام، علما بأن من قال لي إنه سارق يعرفه جيدا، ولذا أرمي تلك الفواكه، لأنني لا أريد أكل الحرام، وأختلف مع زوجي، لأنه يأكل ولا يمتنع عن ذلك ويقول لي سمي الله وكلي، فما الصحيح يا شيخ؟ وإن كنت قد أخطأت بعدم الأكل فما حكم الدين في هاذا؟ أجيبوني، لأنني خائفة، وإن كنت قد ظلمت هذا الشخص فما كفارة هذا الظلم؟. علما بأنني لا أستطيع استسماحه.
أجيبوني دون إحالتي على أجوبة أخرى.
وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبداية لابد من العلم أن الأجير في بستان غيره لا يجوز له أن يهدي من ثماره لأقاربه ولا لغيرهم دون إذن صاحب البستان، وراجعي الفتوى رقم: 104706.

وعلى هذا، فإن كان الشخص الذي أخبر عن حال هذا الأجير ثقة مأمونا، وهو يعرفه جيدا ـ كما قالت السائلة ـ فخبره مصدَّق ويجب العمل بمقتضاه، قال ابن عابدين في حاشية رد المحتار: يقبل قول العدل في الديانات كالإخبار بجهة القبلة والطهارة والنجاسة والحل والحرمة، حتى لو أخبره ثقة ولو عبدا، أو أمة، أو محدودا في قذف بنجاسة الماء، أو حل الطعام وحرمته قُبِل. اهـ.

وقال النووي في المجموع: متى سأل فأخبره ثقة اعتمده، فإن أخبره فاسق وعلم بقرينة الحال أنه لا يكذب من حيث إنه لا غرض له جاز له قبوله. اهـ.

وجاء في الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على أنه إذا أخبر الثقة بنجاسة ماء، أو ثوب، أو طعام، أو غيره وبين سبب النجاسة، وكان ذلك السبب يقتضي النجاسة حكم بنجاسته، لأن خبر الواحد العدل في مثل هذه الأشياء مقبول، وليس هذا من باب الشهادة، وإنما هو من باب الخبر، وكذا لو أخبر عن دخول وقت الصلاة وعن حرمة الطعام، أو حله. اهـ.

والعمل بالخبر المذكور في السؤال لا يكون ـ فقط ـ بالامتناع عن أكل هذه الفاكهة، وإنما يكون بالامتناع عن قبولها أصلا، كما تجب مناصحة هذا الأجير ونهيه عن هذا المنكر، وفي هذه الحال لا يفيد كلام الزوج: سمِّي الله وكلي ـ فهذا لا يصح، فإن التسمية لا تُحِلُّ المغصوب والمنهوب والمسروق ونحو ذلك.

وأما إن كان الشخص الذي أخبركم بذلك ليس بثقة ولا مأمون: فلا يعول على خبره، والأصل هو حل ما في أيدي المسلمين، وأنه يحل قبوله منهم بالهبة والهدية ونحو ذلك.

وأما بالنسبة لمسألة الظلم: فليس في الامتناع عن تناول هدية شخصٍ ما، بسبب الشك في حلِّه شيء من الظلم بل الظلم أن يشيع المرء على غيره، أو يتهمه زورا بما هو بريء منه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني