الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء في جمع الصلوات لأجل البرد

السؤال

ما هي الضوابط الشرعية في جمع الصلوات في البرد؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد رخص الحنابلة في الجمع بين العشاءين خاصة في الريح الشديدة الباردة كالمطر، فأما مجرد البَرْد الذي لا ريح فيه فلا يبيح الجمع، وكذا الريح غير الباردة، فضابط جواز الجمع عندهم في هذه الحال هو وجود ريح شديدة باردة، وهذا يبيح الجمع بين المغرب والعشاء خاصة لا بين الظهر والعصر.

وقد بين الشيخ العثيمين رحمه الله في هذه المسألة فقال في شرحه الممتع على زاد المستقنع: قوله (وريح شديدة باردة) اشترط المؤلف شرطين للريح:

1- أن تكون شديدة.

2- أن تكون باردة.

وظاهر كلامه: أنه لا يشترط أن تكون في ليلة مظلمة، بل يجوز الجمع للريح الشديدة الباردة في الليلة المقمرة أيضاً، فإذا قال قائل: ما هو حد الشدة والبرودة؟ فالجواب على ذلك: أن يقال: المراد بالريح الشديدة ما خرج عن العادة، وأما الريح المعتادة فإنها لا تبيح الجمع، ولو كانت باردة.. والمراد بالبرودة ما تشق على الناس.

فإن قال قائل: إذا اشتد البرد دون الريح هل يباح الجمع؟ قلنا: لا لأن شدة البرد بدون الريح يمكن أن يتوقاه الإنسان بكثرة الثياب، لكن إذا كان هناك ريح مع شدة البرد فإنها تدخل في الثياب، ولو كان هناك ريح شديدة بدون برد فلا جمع، لأن الرياح الشديدة بدون برد ليس فيها مشقة. انتهى.

وأما المالكية فلا يجيزون الجمع للبَرْد، وإنما يجيزون جمع العشائين فقط للمطر أو الطين مع الظلمة قال خليل المالكي في مختصره: "وَفِي جَمْعِ الْعِشَاءَيْنِ فَقَطْ بِكُلِّ مَسْجِدٍ لِمَطَرٍ، أَوْ طِينٍ مَعَ ظُلْمَةٍ لَا لِطِينٍ، أَوْ ظُلْمَةٍ " انتهى

وقال شارحه الدردير في الشرح الكبير: (وَ) رَخَّصَ نَدْبًا لِمَزِيدِ الْمَشَقَّةِ (فِي جَمْعِ الْعِشَاءَيْنِ فَقَطْ) جَمْعَ تَقْدِيمٍ لَا الظُّهْرَيْنِ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ فِيهِمَا غَالِبًا (بِكُلِّ مَسْجِدٍ) وَلَوْ مَسْجِدِ غَيْرِ جُمُعَةٍ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَوْ بِهِ وَبِمَسْجِدِ مَكَّةَ (لِمَطَرٍ) وَاقِعٍ أَوْ مُتَوَقَّعٍ (أَوْ طِينٍ مَعَ ظُلْمَةٍ) لِلشَّهْرِ لَا ظُلْمَةِ غَيْمٍ لِ (طِينٍ) فَقَطْ عَلَى الْمَشْهُورِ (أَوْ ظُلْمَةٍ) فَقَطْ اتِّفَاقًا. انتهى

وأما الشافعية فإنما يجيزون الجمع للسفر والمطر لأن السنة وردت بجواز الجمع فيهما فقط، قال في مغني المحتاج: وقد علم مما مر أنه لا جمع بغير السفر والمطر كمرض وريح وظلمة وخوف ووحل وهو المشهور لأنه لم ينقل، ولخبر المواقيت فلا يخالف إلا بصريح، وحكى في المجموع عن جماعة من أصحابنا جوازه بالمذكورات وقال: وهو قوي جداً في المرض والوحل. انتهى.

وأما الحنفية فالمعروف أن الجمع عندهم في الحج فقط.

فإذا علمت ضابط جواز الجمع للبرد عند القائلين بجوازه فإنه لا بد من مراعاة شروط الجمع العامة كوجود العذر عند افتتاح الصلاتين، ونية الجمع عند افتتاح الأولى، والموالاة بينهما إن كان الجمع جمع تقديم، واستمرار العذر إلى دخول وقت الثانية، ونية الجمع قبل أن يضيق وقت الأولى إن كان الجمع جمع تأخير، وفي بعض هذا خلاف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني