الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صفة رفع المرأة يديها في الصلاة

السؤال

أين تضع المرأة يديها عند تكبير الإحرام في محاذاة الأذنين أم محاذاة شحمة الأذنين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف العلماء أولاً في الموضع الذي يشرع رفع اليدين إليه حيث شرع الرفع، ثم اختلفوا بعد ذلك هل المرأة في هذا كالرجل أم لها حكم يخصها؟ فأما اختلافهم في الموضع الذي يشرع رفع اليدين إليه فجمهورهم على أن المصلي يحاذي بهما منكبيه، وعليه تدل أكثر الروايات، ومنهم من قال يحاذي بهما فروع أذنيه وعليه تدل رواية مالك بن الحويرث عند مسلم، ومنهم من جمع بين الروايات بأن المراد أن يحاذي بأسفل كفيه منكبيه وبأعلاهما أذنيه، ونسب هذا الجمع للشافعي رحمه الله.

قال الحافظ في الفتح: قوله: (حذو منكبيه) بفتح المهملة وإسكان الذال المعجمة أي: مقابلهما، والمنكب مجمع عظم العضد والكتف، وبهذا أخذ الشافعي والجمهور. وذهب الحنفية إلى حديث مالك بن الحويرث المقدم ذكره عند مسلم، وفي لفظ له عنه: حتى يحاذي بهما فروع أذنيه. وعند أبي داود من رواية عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر بلفظ: حتى حاذتا أذنيه. ورجح الأول لكون إسناده أصح. وروى أبو ثور عن الشافعي أنه جمع بينهما فقال: يحاذي بظهر كفيه المنكبين وبأطراف أنامله الأذنين. ويؤيده رواية أخرى عن وائل عند أبي داود بلفظ: حتى كانتا حيال منكبيه، وحاذى بإبهاميه أذنيه. وبهذا قال المتأخرون من المالكية فيما حكاه ابن شاس في الجواهر. انتهى.

ونقل ابن رجب في شرحه على البخاري عن ابن عبد البر قوله في الرفع إلى المنكبين: عليهِ جمهور التابعين، وفقهاء الأمصار، وأهل الحديث. وزاد ابن رجب قولا رابعا في المسألة هو التخيير فقال: ومنهم من قالَ: هما سواء لصحة الأحاديث بهما، وهو رواية أخرى عن أحمد، اختارها الخرقي وأبو حفص العكبري وغيرهما. وقال ابن المنذر: هوَ قول بعض أهل الحديث، وهو حسن. انتهى.

وما اختاره الشافعي وجمع به بين الأحاديث جمع حسن به يحصل التوفيق بين الأحاديث.

ثم إن الراجح أن المرأة في ذلك كالرجل إذ لم يرد دليل على التفريق بينهما، والأصل أن النساء شقائق الرجال، وفرق بعض العلماء بينهما ورجحوا أن رفع المرأة يكون دون الرجل لكونه أستر لها.

قال الحافظ رحمه الله: لم يرد ما يدل على التفرقة في الرفع بين الرجل والمرأة، وعن الحنفية يرفع الرجل إلى الأذنين، والمرأة إلى المنكبين؛ لأنه أستر لها. انتهى.

وإذا علمت أن الراجح عدم الفرق لعدم ورود ما يدل عليه، فإن في المسألة خلافا بسطه الحافظ زين الدين بن رجب ونحن نسوق ما ذكره للفائدة.

قال رحمه الله: واختلفوا في المرأة: كيف ترفع يديها في الصلاة؟ فقالت طائفة: ترفع كما يرفع الرجل إلى المنكبين. روي عن أم الدرداء، أنها كانت تفعله، وهو قول الأوزاعي والشافعي. وقالت طائفة: ترفع إلى ثدييها، ولا تزيد على ذَلِكَ، وهو قول حماد وإسحاق. وروي نحوه عن حفصة بنت سيرين، أنها كانت تفعله. وقال أحمد -في رواية عنه- ترفع يديها في الصلاة، ولا ترفع كما يرفع الرجل، دون ذَلِكَ. ونقل عنه جماعة، أنه قالَ: ما سمعنا في المرأة، فإن فعلت فلا بأس.

قالَ القاضي أبو يعلى: ظاهر هذا: أنه رآه فعلا جائزا، ولم يره مسنونا. وقال عطاء: ترفع دون رفع الرجل، وإن تركته فلا بأس. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني