الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقوال العلماء في الطلاق المعلق مع أدلتها

السؤال

أرجو أن تذكروا الأقوال الثلاثة في الطلاق المعلق وأدلة كل قول من القرآن، أو السنة؟ وبارك الله فيكم وفي عملكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأقوال الثلاثة المتعلقة بالطلاق المعلق هي كما يلي:

1- مذهب الجمهور: وهو وقوع الطلاق المعلق عند حصول المعلق عليه سواء قصد الحالف اليمين، أو التهديد أو غيرهما، وهذا هو القول الراجح، وقد نسبه الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ للجمهور مبينا دليلهم، قال في الشرح الممتع: لكن أكثر العلماء يرون أن تعليق الطلاق بالشروط صحيح، لعموم الحديث: المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً أحل حراماً، أو حرم حلالاً ـ وهذا وإن كان فيه شيء من الضعف، لكنه فيما يظهر مجمع على معناه في الجملة، وهو قول الجمهور. انتهى.

2- مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية: وهو الرجوع لنية الحالف إذا كان الشرط يحتمل كلا من الشرط المحض واليمين، جاء في الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية: فإن قصد لزوم الجزاء عند الشرط: لزمه مطلقاً ولو كان بصيغة القسم، فلو كان قصده أن يطلق امرأته إذا فعلت ذلك الأمر، أو إذا فعل هو ذلك الأمر، فقال: الطلاق يلزمني لا تفعلين كذا ـ وقصده أنها تفعله فتطلق: ليس مقصوده أن ينهاها عن الفعل، ولا هو كاره لطلاقها، بل هو مريد لطلاقها، طلقت في هذه الصورة، ولم يكن هذا في الحقيقة حالفاً، بل هو معلق للطلاق على ذلك الفعل بصيغة القسم، ومعنى كلامه معنى التعليق الذي يقصد به الإيقاع، فيقع به الطلاق هنا عند الحنث في اللفظ الذي هو بصيغة القسم، ومقصوده مقصود التعليق، والطلاق هنا إنما وقع عند الشرط الذي قصد إيقاعه عنده، لا عند ما هو حنث في الحقيقة، إذ الاعتبار بقصده ومراده، لا بظنه واعتقاده فهو الذي تبنى عليه الأحكام كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. انتهى.

3- عدم وقوع الطلاق: وهو مذهب الظاهرية ومن وافقهم، جاء في المحلي لابن حزم الظاهري: من قال: إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق، أو ذكر وقتاً ما؟ فلا تكون طالقاً بذلك لا الآن ولا إذا جاء رأس الشهر، برهان ذلك: أنه لم يأت قرآن ولا سنة بوقوع الطلاق بذلك، وقد علمنا الله الطلاق على المدخول بها وفي غير المدخول بها، وليس هذا فيما علمنا: ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ـ وأيضاً فإن كان كل طلاق لا يقع حين إيقاعه فمن المحال أن يقع بعد ذلك في حين لم يوقعه فيه، إلى أن قال: وقالوا: إذا قال: أنت طالق، فالطلاق مباح، فإن أتبعه أجلا فهو شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل ـ فقلنا: بل ما طلاقه إلا فاسد لا مباح، إذ علقه بوقت ولا يجوز إلزامه بعض ما التزم دون سائره، فظهر فساد هذا القول، ويكفي من هذا أنه تحريم فرج بالظن على من أباحه الله تعالى له باليقين، ونعوذ بالله من هذا، ولم نجد لمن فرق بين الأجل والآتي والآبد، وبين الأجل الذي لا يأتي حجة أصلاً، غير دعواه. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني