الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هبة الثواب تجري عليها أحكام البيع

السؤال

قام أبي بتقسيم ثروته بيننا ـ الأولاد والبنات ـ بالتساوي منذ مدة تقارب ١٠سنوات ثم أراد استرجاع أرزاقه من الأولاد فقط دون البنات والمتمثل في عمارة صغيرة مؤلفة من٣ طوابق وبكل طابق شقتان كل طابق ملك لواحد من الأولاد، مع العلم أننا نستعمل قسطا منه كمورد رزق لنا والقسط الثاني نعطيه لأبي بطلب منه لإبقاء الهبة لأن الوالد أراد الرجوع عن الهبة بهبة مشروطة بدفع معلوم شهري يقدر ب٦٠٠ دينار شهريا وتم ذلك كتابة ولكنه بعد ٣سنوات أراد الرجوع عن الهبة مرة أخرى فوافقنا لسماعنا أن الرجوع في الهبة مكروه إلا على الوالد بشرط أن يقوم بإلغاء الالتزام الكتابي، أو التخلص من الشرط، لكنه سيدي لا يريد أي طرق شرعية، بل يريد دائما الالتجاء إلى القانون والمحاكم والرشاوى فهو يريد إرجاع العمارة وإبقاء الشرط ساري المفعول لكنه خسر القضية ولم يتسن له إرجاع العمارة بالقانون ورجع إلينا مرة أخرى وأراد استرجاعها باستعمال الاتفاق الأخير أي استرجاعها مقابل إلغاء الشرط ولكنه هددنا بأنه سيفوت فيها لأخواتي البنات، لأنه يريد قهرنا وإثارة فتنة بيننا مع أننا نخاف الله ونبره وأخيرا التجأنا لحضرتكم راجين منكم مدنا برأي الشرع في ذلك، لأننا حقيقة لا نعلم ما نفعل فمن جهة لا نريد التفويت في ملكنا، لأنه لن يقوم بالحفاظ عليه، بل سيفرط فيه نظرا لكبر سنه واستعماله طرقا غير شرعية إضافة لإثارة الفتن بيننا فهو دائما يهددنا بالتفويت لقهرنا، لأننا نستعمله كمورد رزق لنا، مع العلم أن حالته المادية ميسورة فمدخوله الشهري يصل إلى ٢٠٠٠د ما يقارب أجر مهندس بضعفين، ولكنه دائما يبذر أمواله في المعاصي إضافة إلى أنه كثير الظلم والتسلط على ساكني العمارة التي يريد استرجاعها ويهددهم دائما بطردهم، فالرجاء منكم مدنا برأي شرع في ذلك وشكرا أيها الشيخ.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الهبة بالشرط المذكور ـ وهو دفع مبلغ شهري ـ تسمى هبة الثواب وتجري عليها أحكام البيع، فإن كان المبلغ معلوم القدر فالبيع صحيح ولازم إلا أن تقيلوا والدكم فيه، وإن كان المبلغ غير معلوم فالبيع باطل ويفسخ وكأن لم يكن، جاء في المغني: وأما إن شرط ثوابا مجهولا لم يصح وفسدت الهبة وحكمها حكم البيع الفاسد يردها الموهوب بزياداتها المتصلة والمنفصلة، لأنها نماء ملك الواهب. اهـ.

وأما مسألة أن والدكم يريد أن يفضل أخواتكم عليكم: فإن كان هذا بدون مسوغ شرعي فهو ظلم، ولكن هذا الظلم لا يعطيكم الحق في منعه من التصرف في ملكه، كما أن تصرفه في أمواله بسفه وإسراف لا يخولكم الحجر عليه والحيلولة بينه وبين ماله، وإنما سبيل ذلك إلى القاضي إن رأى أن يحجر عليه، لكن قبل هذا وذلك ينبغي لكم إرشاده ونصحه بالتي هي أحسن، فإن من أعظم الإحسان إلى الوالدين نصحهما ونهيهما عن المنكر. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني