الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حدود نفقة البنت على أبيها

السؤال

سؤالي عن بر الوالدين ورضاهم: إذا كان أبي لا يساعدني على بره، ويقسو علي في المعاملة، ويحملني من النفقات ما لا أطيق، وإذا شرحت له ظروفي المادية والتزاماتي لا يصدقني ويقول إنني كاذبة ويشكوني لإخواني، مع العلم أنني أنفق على والدتي أيضا المنفصلة عن والدي، وإخواني يعطونه راتبا شهريا مناسبا، ومهما أفعل وأؤثره على نفسي ماديا لا يقدر ذلك، ويدعو علي ويشتكي للآخرين عن قلة عطائي، ويكذب عليهم في بعض الأمور والله العالم، وكلما سمعت شيئا من شكواه تسوء حالتي النفسية، فما الذي يمكنني فعله حتى لا أكون عاقة لوالدي؟ وهل يجب علي كامرأة تحمل نفقات أهلي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يخفى أن برّ الوالدين والإحسان إليهما من أوجب الفرائض ومن أفضل القربات، ومن الإحسان إليهما إذا كانوا فقراء أن ينفق عليهما أولادهما ـ ذكورهم وإناثهم ـ قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. اهـ

ويشترط لوجوب الإنفاق أن يجد الولد ما ينفقه زائداً عما يحتاج إليه، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابدأ بنفسك. رواه مسلم.

فإذا كان الولد موسراً وجب عليه الإنفاق على والده الفقير بالمعروف، وإذا اجتمع من الأولاد الموسرين ذكور وإناث، فالراجح أنّ النفقة تجب على الذكور والإناث ولا تختص بالذكور، قال ابن قدامة: وإن اجتمع ابن وبنت فالنفقة بينهما أثلاثا كالميراث، وقال أبو حنيفة: النفقة عليهما سواء، لأنهما سواء في القرب، وقال الشافعي: النفقة على الابن، لأنه العصبة، ولنا قول الله تعالى: وعلى الوارث مثل ذلك.

وعلى كل حال، فلا يلزمك أن تعطي لوالدك ما يطلبه منك مما يجحف بك، لكن عليك المداومة على صلته والسعي في إرضائه، فمهما كان حاله فإنّ ذلك لا يسقط حقّه عليك في البرّ، فاحرصي على برّ والدك والإحسان إليه وطاعته في المعروف، فعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب أو احفظه. رواه ابن ماجه والترمذي.

وإذا قمت بما يجب عليك نحوه من البرّ والإحسان فلا يضرّك بعد ذلك غضبه منك، أو دعاؤه عليك، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 44020.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني