الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سلام المرأة على الرجال ودعوتها لغير لمسلمين

السؤال

أنا الآن مسافرة إلى بلد أوربي، وأعيش في مصح علاج فيزيائي، وهذا المصح مليء بالمرضى من جميع الجنسيات، وغالبا ما نلتقي بهم بالممرات وفي الغرف، فيلقون التحية علينا كل بحسب لغته، ومن الممكن أن يقول لنا البعض السلام عليكم لمعرفتهم أننا مسلمون، وبعضهم يلقي التحية بصوت مرتفع، وآخرون بصوت منخفض. ويقتصر ذلك فقط على التحية بدون أي أحاديث أخرى.
سؤالي هل يجوز لي أن أرد عليهم السلام، وخاصة الرجال منهم، لأني أرد على النساء بدون حرج، وأنا كثيرا ما أنتبه إلى أن نكون قدوة ومثالا مميزا عن المسلمين؛ كي لا نسيء للإسلام بصورتنا وتصرفاتنا، وكيف أجمع بين حسن معاملة المسلمين لأهل الكتاب، وإظهار عفة وأدب وحشمة البنت المسلمة التي غالبا ما تجذب الاهتمام للمسلمين؟ وماذا بالنسبة للبشاشة في وجوههم، وهل يعتبر هذا من الولاء لهم رغم أنني في عقيدتي أعرف أن ما هم عليه خطأ.
وأما بالنسبة للعرب المسلمين في هذا المصح، فعددنا 15، 3 نساء والباقي رجال، هل يجوز إلقاء التحية بيني وبين الرجال المعروفين بالصلاح منهم، وممكن أن أسأله كيف حالك اليوم، وخاصة أنهم مرضى، ومنهم من حالته صعبة، وذلك أبدا دون لين بالحديث أو ضحك أو مزاح؟
وهل تجب على هؤلاء الرجال صلاة الجمعة؟ علما بأن غالبهم مرضى، وأثناء وقت صلاة الجمعة يكون كل واحد فيهم في علاجه، وإذا فاته العلاج لا يعطونه غيره عوضا عنه، وخاصة أن يوم العطلة هنا هو يوم الأحد وليس الجمعة.
وهذا السؤال أيضا بالنسبة لزوجي مع نسائهم. هل تجوز التحية أيضا، وخاصة أنه أثناء العلاج غالبا ما تكون المعالجة فتاة وصغيرة السن، ويتخلل الحصة من الكلام والمزاح والضحك أحيانا.
ولدي سؤال آخر، الآن وقد اقتربت فترة أعيادهم، وأحيانا هم يهنؤننا بالعيد، فهل نرد عليهم التهنئة أم نتجاهلها؟ أم يتوجب علينا نصحهم في كل مرة؟ وخاصة إذا كانوا يتقبلون الحديث معنا.
ولدي هنا سؤال، كيف لي أن أنصح بعض البنات هنا بالدخول في الإسلام وأحاول هدايتهن وهن يستمعن إلينا، ويحبون الكلام معنا، وخاصة أن حلمي من زمن بعيد أن يجعل الله هداية أحد النصارى على يدي، ولا أريد أن تفوتني هذه الفرصة.
وسؤال أخير وأعتذر أني أطلت عليكم أنا في هذا المصح كل مريض له غرفة معها مطبخ مشترك مع الغرفة المجاورة (يعني أن لكل غرفتين مطبخ واحد مشترك، له بابان على كل غرفة باب، غرفتي أنا مشتركة مع غرفة فيها شابان، نحن لا نجتمع مطلقا في المطبخ، وذلك وفقا لاتفاقنا مع بعض. لكن هل وجودي أنا في المطبخ وهم في غرفتهما تعتبر خلوة محرمة؛ لأنه بإمكانهم الدخول علي في أي وقت، وخاصة أني أكون في الغرفة لوحدي، وزوجي في العيادات بعيد عني. مع العلم أننا لم نجد أي غرفة أخرى نسكن فيها، والسكن خارج المصح مستحيل، بسبب الثلوج المتواصلة. فهل ذلك حرام؟ وماذا علي أن أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإلقاء المرأة السلام على الرجال الأجانب ورد السلام عليهم جائز إذا أمنت الفتنة وإلا فلا، قال ابن حجر معلقاً على قول البخاري في صحيحه ( باب تسليم الرجال على النساء والنساء على الرجال): والمراد بجوازه أن يكون عند أمن الفتنة. فتح الباري - ابن حجر

وبخصوص رد السلام على غير المسلمين راجعي الفتوى رقم : 74314.

وأما الكلام بين النساء والرجال الأجانب فهو جائز عند الحاجة من غير خلوة أو خضوع بالقول، وراجعي الفتوى رقم : 71506.

ولا منافاة بين المحافظة على آداب الشرع والوقوف عند حدوده وبين إحسان معاملة غير المسلمين، فإن الإحسان لا يكون بالتهاون في أحكام الشرع والتفريط في آدابه، وإنما يكون بكف الأذى وبذل المعروف، ولا يعتبر هذا من الولاء لهم ما دام بعيدا عن المداهنة في الدين والإقرار على الباطل، ومن أعظم الإحسان إليهم دعوتهم إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، واعلمي أنّ من أعظم وسائل الدعوة الاستعانة بالله والإحسان إلى المدعو والإلحاح في الدعاء له مع عدم تعجّل النتيجة ، ولمعرفة القواعد المفيدة في الدعوة إلى الله راجعي الفتاوى أرقام: 21186 ، 7583 ، 19218.

أما بخصوص وجوب الجمعة على هؤلاء الرجال، فما داموا يتلقون علاجا لا يدركونه في غير وقتها، فهم معذورون في تركها، وراجعي الفتوى رقم: 13099.

وأما عن وجودك في المطبخ حال وجود رجلين في غرفة مغلقة، فالراجح أن هذه ليست خلوة محرمة، قال ابن عابدين: وَاَلَّذِي تَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْخَلْوَةَ الْمُحَرَّمَةَ تَنْتَفِي بِالْحَائِلِ ، وَبِوُجُودِ مَحْرَمٍ أَوْ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ قَادِرَةٍ. حاشية ابن عابدين.

كما أن الراجح أن الخلوة تنتفي بوجود أكثر من رجل مع المرأة، وكل ذلك مشروط بأمن الفتنة وانتفاء الريبة. وانظري الفتوى رقم: 60116.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني