الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الطلاق وتفويضه حال ارتداد الزوجة عن دينها

السؤال

سؤالي: هل يعتبر الطلاق وتفويض الطلاق في حال ارتدادها. مثلا زوجة قالت كلام كفر، وبعدها فوضها زوجها في الطلاق وردت له التفويض هذا، وبعد مدة تابت المرأة وجددت إسلامها وهي ما تزال في العدة. فالسؤال هل يعتبر تفويض الطلاق هذا؟ وهل إذا اعتبر يعتبر كذلك ردها للتفويض هذا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالمرأة المسلمة إذا ثبتت ردتها عن الإسلام والعياذ بالله تعالى، وكان ذلك قبل الدخول انفسخ نكاحها في الحال، وإن كان بعد الدخول، فمن أهل العلم من يرى فسخ النكاح في الحال بطلاق بائن، ومنهم من قال يفسخ بلا طلاق، ومنهم من يقول يحال بينهما، فإن تابت ورجعت للإسلام قبل تمام عدتها بقيت في عصمة زوجها، وإن انقضت عدتها ولم تتب انفسخ نكاحها.

جاء في الموسوعة الفقهية : فإذا ارتد أحدهما وكان ذلك قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال ولم يرث أحدهما الآخر، وإن كان بعد الدخول قال الشافعية - وهو رواية عند الحنابلة - حيل بينهما إلى انقضاء العدة، فإن رجع إلى الإسلام قبل أن تنقضي العدة فالعصمة باقية، وإن لم يرجع إلى الإسلام انفسخ النكاح بلا طلاق. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف وهورواية عند الحنابلة: إن ارتداد أحد الزوجين فسخ عاجل بلا قضاء فلا ينقص عدد الطلاق، سواء أكان قبل الدخول أم بعده. وقال المالكية وهو قول محمد من الحنفية: إذا ارتد أحد الزوجين انفسخ النكاح بطلاق بائن . انتهي

وبناء على ما سبق، فإن كانت تلك الزوجة لم ترجع للإسلام إلا بعد تمام عدتها، أو كانت الردة قد حصلت قبل الدخول، فتفويض الطلاق ورده يعتبر كل منهما باطلا عند المذاهب الأربعة لوقوعه بعد انقطاع العصمة، وإن وقعت الردة بعد الدخول، ثم عادت الزوجة للإسلام قبل تمام عدتها، فقدانقطعت عصمتها أيضا عند المالكية والحنفية. أما على مذهب الحنابلة والشافعية فتعود لعصمة زوجها.

وبناء على هذا القول فإنه إذا طلقها أثناء العدة فطلاقه نافذ، فقد تبين أنها في عصمته وقت الطلاق.

جاء في المجموع للنووي الشافعي : إذا ارتدت الزوجة بعد الدخول فطلقها الزوج ثلاثا فإن انقضت العدة قبل أن ترجع إلى الإسلام تبينا أنها بانت بالردة، ولم يقع عليها طلاق، وإن رجعت إلى الإسلام قبل انقضاء العدة، تبينا أنها كانت زوجة وقت الطلاق. انتهى

وفي مطالب أولي النهي للرحيباني الحنبلي: طلاق المرتد بعد الدخول موقوف، فإن أسلم في العدة تبينا وقوعه وإن لم يسلم حتى انقضت العدة أو ارتد قبل الدخول فطلاقه باطل لانفساخ النكاح قبله باختلاف الدين. انتهى

وبخصوص مسألة التفويض المسئول عنها فلم نقف على نص للشافعية والحنابلة بخصوصها. والظاهر ـ والله تعالى أعلم ـ أن التفويض هنا مثل الطلاق لعدم وجود فرق بينهما، وبالتالي فإذا فوض الزوج لها الطلاق بعد الردة، وردت ما جعله بيدها، ثم عادت للإسلام قبل تمام العدة، فقد تبين أنها كانت في عصمته وقت التفويض، وبالتالي يبطل التفويض ولا يقع الطلاق كما هو الحكم في تفويض غير المرتدة وردها.

جاء في المغني لابن قدامة: ومتى ردت الأمر الذي جعل إليها بطل ولم يقع شيء في قول أكثر أهل العلم. اهـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني