الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محل استحباب تجديد الوضوء

السؤال

أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ لكل صلاة وأنا أريد أن أقتدي به عليه الصلاة والسلام، فمثلا بعد صلاة الظهر ينتقض وضوئي فأتوضأ وأذهب إلى المسجد وأصلي ركعتين وأنتظر صلاة العصر ويكون لا زال لوقت الصلاة الكثير من الوقت (ساعة تقريبا) فعند ما يقترب أذان العصر (يبقى له مثلا عشرون دقيقة) هل يستحب لي أن أجدد وأعيد الوضوء حينئذ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ لكل صلاة أم أقتصر على الوضوء الأول الذي فعلته قبل الخروج إلى المسجد ولا أجدده ولا أعيده إلى أن أصلي العصر أيهما أفضل وأقرب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وسنته؟ وكذلك عند ما أتوضأ لأصلي الضحى ثم يقترب وقت صلاة الظهر فهل يستحب لي أن أعيد الوضوء حينئذ (وأنا على وضوئي الأول) أم اقتصر على الوضوء الأول الذي فعلته قبل الخروج إلى المسجد ولا أجدده ولا أعيده إلى أن أصلي الظهر أيهما أفضل وأقرب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وسنته أفيدوني جزاكم الله خيرا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما دمت تصلي بوضوئك الأول ولو نافلة فيستحب لك تجديد الوضوء عند إرادة صلاة أخرى, فإن الراجح أن من صلى بوضوئه صلاة ولو نافلة فتجديد الوضوء في حقه مستحب, وهو الأصح عند الشافعية, وأما إن لم تصل بوضوئك الأول شيئا من الصلوات لا فرضا ولا نفلا فلا يستحب لك تجديد الوضوء.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: وإنما تكلم الفقهاء في من صلى بالوضوء الأول هل يستحب له التجديد؟ وأما من لم يصل به فلا يستحب له إعادة الوضوء, بل تجديد الوضوء في مثل هذا بدعة مخالفة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولما عليه المسلمون في حياته وبعده إلى هذا الوقت. انتهى.

وقد ذكر النووي رحمه الله الأوجه للشافعية في هذه المسألة مبينا الأصح منها وأنه يشرع تجديد الوضوء لمن صلى بوضوئه الأول ولو نفلا فقال ما عبارته : اتفق أصحابنا على استحباب تجديد الوضوء وهو أن يكون على وضوء ثم يتوضأ من غير أن يحدث، ومتى يستحب؟ فيه خمسة أوجه: أصحها إن صلى بالوضوء الأول فرضا أو نفلا استحب وإلا فلا وبه قطع البغوي. والثاني : إن صلى فرضا استحب وإلا فلا وبه قطع الفوراني . والثالث : يستحب إن كان فعل بالوضوء الأول ما يقصد له الوضوء وإلا فلا, ذكره الشاشي في كتابيه المعتمد والمستظهري في باب الماء المستعمل واختاره. والرابع : إن صلى بالأول أو سجد لتلاوة أو شكر أو قرأ القرآن في المصحف استحب وإلا فلا, وبه قطع الشيخ أبو محمد الجويني في أول كتابه الفروق والخامس : يستحب التجديد ولو لم يفعل بالوضوء الأول شيئا أصلا حكاه إمام الحرمين قال: وهذا إنما يصح إذا تخلل بين الوضوء والتجديد زمن يقع بمثله تفريق, فأما إذا وصله بالوضوء فهو في حكم غسلة رابعة, وهذا الوجه غريب جدا, وقد قطع القاضي أبو الطيب في كتابه شرح الفروع والبغوي والمتولي والروياني وآخرون بأنه يكره التجديد إذا لم يؤد بالأول شيئا . انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : وتجديد الوضوء يكون مسنونا إذا صلى بالوضوء الذي قبله, فإذا صلى بالوضوء الذي قبله فإنه يستحب أن يتوضأ للصلاة الجديدة . انتهى .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني