الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحوال الجلوس في مكان يسب فيه الدين ويستهزأ فيه بآيات الله

السؤال

إذا كنت جالسا مع أناس سبوا الدين أو ما يتعلق به، أو استهزؤوا به مرة واحدة وصمتوا ولم يكملوا. هل يجب علي المغادرة حينها أم اذا أكملوا ولم أستطع ردهم أغادر؟
كذلك هل الذهاب إلى الأماكن التي يفعلون بها تلك الأفعال لغرض آخر وهو مثلا لعب السنوكر مع تغيير ذلك المنكر بالقلب، مع العلم أني ألعب على طاولة وهم على طاولة يعتبر فاعله كافرا مثلهم؟ كذلك إذا حدث ذلك الأمر وأنا أتعلم بالصف هل يجب علي الذهاب؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أولا أن الجلوس مع من يستهزئ بآيات الله تعالى وإن كان محرما لكنه ليس في نفسه كفرا، وذلك إذا كان الشخص كارها للمنكر بقلبه، ولكنه يأثم إذا قدر على مفارقتهم ولم يفعل، وراجع الفتوى رقم: 150553.

ثم إن الخائضين في آيات الله المستهزئين بها إذا كفوا عن خوضهم جازت مجالستهم لقوله تعالى: حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ. {النساء:140}.

فدلت الآية بوضوح على أنهم إذا خاضوا في غير حديث الاستهزاء وكذا إذا سكتوا عن الاستهزاء وإن لم يتحدثوا في شيء آخر جازت مجالستهم. إذ المعنى الذي نهي عن مجالستهم لأجله قد زال.

قال القاسمي: حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ. أي : حتى يأخذوا في كلام آخر، غير ما كانوا فيه من الخوض في آياتنا. انتهى.

وأما جلوسك في مكان اللعب حيث يستهزأ فيه بآيات الله فلا يجوز، وكونك تجلس على طاولة أخرى لا يسوغ لك الجلوس في هذا المكان إلا مع الإنكار وتغيير هذا المنكر، فإذا كنت عاجزا عن تغيير هذا المنكر لم يجز لك الجلوس بحيث تسمعه وتشاهده لقوله جل اسمه: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ. {النساء:140}.

وأما إن كنت تتضرر بترك المجلس الذي يفعل فيه المنكر كما لو كنت في الصف الدراسي فلا تلزمك مفارقة المجلس وإنما يلزمك الإنكار بحسب استطاعتك، فإن لم يقبل منك لزمك إنكار المنكر بقلبك وبغضه ولم يكن عليك إثم في البقاء بالمجلس لتضررك بمفارقته والله لا يكلف نفسا إلا وسعها.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: الجلوس مع أهل المنكر مع استطاعة الإنسان أن يقومَ مشاركة لهم في الإثم؛ لقوله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ [النساء:140] يعني: إن قعدتم فأنتم مثلهم، ولا يحل لأحد أن يقعد مع أهل المنكر، إلا إذا كان في خروجه ضرر. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 122788.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني