الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الوسائل التي يقوم بها الفرض

السؤال

إذا كان يوجد عمل فرض ـ كصيام الفريضة ـ هذا من الخير والرزق ـ وتوجد أعمال ثلاثة تساعد على أداء هذا الفرض، ومنها الفرض ـ تعلم العلم الشرعي ـ ومنها السنة: صيام التطوع ـ ومنها المباح: شراء الطعام اللازم قبل وبعد الصيام ـ فإذا تمت هذه الأعمال المساعدة بنية المساعدة على العمل الفرض، فإن العمل المساعد على الفرض ـ تعلم العلم الشرعي ـ سيختلف أولوية عمله عن أولويته الأصلية بالنسبة لباقي الفروض، حيث سيكون أولى في عمله من فروض أخرى كانت أولى منه في الأصل، وكذلك الحال في أولوية العمل المساعد على السنة صيام التطوع بالنسبة لباقي السنن وأيضا في أولوية العمل المباح ـ شراء الطعام ـ بالنسبة لباقي المباحات أليس كذلك؟ وإن كان يوجد خطأ الرجاء ذكر التصحيح وذكر أي تعليق إن استدعى الأمر ذلك، وإذا كان نفس العمل الفرض ـ الصيام الفرض ـ له نفس الأعمال المساعدة السابق ذكرها بالإضافة إلى عمل الاستقامة على الطريقة، حيث إنها سبب لكل الرزق والخير في الدنيا والآخرة مثل العمل الصالح وتمت هذه الأعمال المساعدة الأربعة بنية المساعدة على عمل الفرض، فإن عمل الاستقامة على الطريقة سيجعل عمل كل الفروض والسنن مطلوب تنفيذه تبعا لأولوياتهم وأيضا ترك كل المحرمات والمكروهات مطلوب تنفيذه تبعا لأولوياتهم، فعند أداء العمل المساعد على الفرض ـ تعلم العلم الشرعي ـ فإنه لن تختلف أولوية عمله عن أولويته الأصلية بالنسبة لباقي الفروض، بل سيظل على أولويته الأصلية بالنسبة لباقي الفروض وليست كما في الحالة السابقة، حيث في هذه الحالة كل الفروض عملها يساعد على عمل الفرض بسبب عمل الاستقامة على الطريقة، وكذلك الحال فى أولوية العمل المساعد على السنة ـ صيام التطوع ـ بالنسبة لباقي السنن، لكن عند عمل المباح شراء الطعام فإنه في هذه الحالة ستختلف أولوية عمله عن أولويته الأصلية بالنسبة لباقي المباحات حيث سيكون أولى في عمله من مباحات أخرى كانت أولى منه في الأصل، كما في الحالة السابقة، لأنه ليس من الفروض والسنن التي تتم الاستقامة عليها، كما في العملين الآخرين السابقين ـ الفرض والسنة ـ أليس كذلك؟ الرجاء ذكر أي تعليق أو تصحيح إن كان يوجد أي خطأ، أو استدعى الأمر ذلك.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال هو: هل المباح الذي يعين على القيام بالفرض يقدم على غيره من المباحات في الفعل وهو ما عبر عنه السائل ب ـ الأولوية ـ وكذا المسنون الذي يعين على القيام بالفرض هل يقدم على غيره من المسنونات؟ وكذا الفرض الذي يتعلق بفرض آخر هل يقدم على غيره من الفروض؟ فإذا كان ما فهمناه صحيحا فإننا نقول إن أهل العلم قرروا أن الوسائل لها حكم المقاصد، قال الشيخ السعدي ـ رحمه الله: الوسائل لها أحكام المقاصد، فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وما لا يتم المسنون إلا به فهو مسنون. اهـ.
فالوسيلة التي يقوم بها الفرض فرض وإن كانت في أصلها مباحة, والوسيلة التي يقوم بها المستحب مستحبة وإن كانت في أصلها مباحة، وأما السؤال عما إذا كانت تقدم على غيرها من المباحات فجوابه أن الفرض في الجملة يقدم على المستحب والمباح, والمستحب يقدم في الجملة على المباح، لأن المبادرة إلى الطاعة هي من المسارعة في الخيرات, ولكن الأمر قد يختلف باختلاف الأحوال، فمثلا الإفطار على الرطب، أو التمر مستحب فشراء التمر حينئذ مستحب لمن ليس عنده, فإذا كان الصائم له أعمال مباحة أخرى يريد القيام بها فإنه يمكن أن يؤخر شراء التمر على غيره من الأعمال المباحة إذا كان عنده متسع من الوقت, وكذا تعلم العلم المتعلق بالعبادة التي ينوي القيام بها يكون قبلها كتعلم أحكام الزكاة لمن يزكي, وتعلم أحكام الصيام لمن يريد الصيام وأحكام الحج لمن يريد الحج ونحو ذلك، فهذه يتعلمها المسلم قبل الدخول في العبادة حتى يكون على بصيرة بعبادته، ومما ذكر يتبين لك أن ما أردت تأصيله في موضوع الأوليات ليس على إطلاقه، ويمكنك أن تطالع في فقه الأولويات لمزيد الفائدة.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني