الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف الأمة من الحاكم إذا كان يشرب الخمر

السؤال

ما هو حكم شرب الخمر عند الحاكم المسلم؟ وهل تجوز طاعة الحاكم المسلم إذا كان يشرب الخمر؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:

فلا شك ولا خلاف في أن شرب الحاكم للخمر مما يخرق عدالته ويحكم بفسقه، ولكن الخلاف في دوام إمامته وعدم عزله بعد حصول ذلك منه، جاء في الموسوعة الفقهية: يشترط لدوام الإمامة دوام شروطها، وتزول بزوالها إلا العدالة، فقد اختلف في أثر زوالها على منصب الإمامة على النحو التالي:
ـ عند الحنفية ليست العدالة شرطا لصحة الولاية، فيصح تقليد الفاسق الإمامة عندهم مع الكراهة، وإذا قلد إنسان الإمامة حال كونه عدلا، ثم جار في الحكم، وفسق بذلك، أو غيره لا ينعزل، ولكن يستحق العزل إن لم يستلزم عزله فتنة، ويجب أن يدعى له بالصلاح ونحوه، ولا يجب الخروج عليه.
ـ وقال الدسوقي: يحرم الخروج على الإمام الجائر، لأنه لا يعزل السلطان بالظلم والفسق وتعطيل الحقوق بعد انعقاد إمامته، وإنما يجب وعظه وعدم الخروج عليه، إنما هو لتقديم أخف المفسدتين، إلا أن يقوم عليه إمام عدل، فيجوز الخروج عليه وإعانة ذلك القائم.
ـ وقال الخرشي: روى ابن القاسم عن مالك: إن كان الإمام مثل عمر بن عبد العزيز وجب على الناس الذب عنه والقتال معه، وأما غيره فلا، دعه وما يراد منه، ينتقم الله من الظالم بظالم، ثم ينتقم من كليهما.
ـ وقال الماوردي: إن الجرح في عدالة الإمام، وهو الفسق على ضربين: أحدهما
ما تبع فيه الشهوة، والثاني ما تعلق فيه بشبهة، فأما الأول منهما فمتعلق بأفعال الجوارح، وهو ارتكابه للمحظورات وإقدامه على المنكرات تحكيما للشهوة وانقيادا للهوى، فهذا فسق يمنع من انعقاد الإمامة ومن استدامتها، فإذا طرأ على من انعقدت إمامته خرج منها، فلو عاد إلى العدالة لم يعد إلى الإمامة إلا بعقد جديد.

وقال بعض المتكلمين: يعود إلى الإمامة بعودة العدالة من غير أن يستأنف له عقد ولا بيعة، لعموم ولايته ولحوق المشقة في استئناف بيعته.
ـ وقال أبو يعلى: إذا وجدت هذه الصفات حالة العقد، ثم عدمت بعد العقد نظرت، فإن كان جرحا في عدالته وهو الفسق، فإنه لا يمنع من استدامة الإمامة، سواء كان متعلقا بأفعال الجوارح، وهو ارتكاب المحظورات وإقدامه على المنكرات اتباعا لشهوته، أو كان متعلقا بالاعتقاد، وهو المتأول لشبهة تعرض يذهب فيها إلى خلاف الحق وهذا ظاهر كلام أحمد في رواية المروزي في الأمير يشرب المسكر ويغل، يغزى معه. اهـ.
وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 29130.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني