الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل كل ما كتب عليه (حلال) من اللحوم المستوردة يحل أكله

السؤال

أود أن أسأل بالنسبة للحوم، فهل علي أن أسأل أي فرد أشتري منه في بلدي مصر من أين أتيت بهذا الطعام؟ ومن أين هذا اللحم؟ وهل هو مستورد أم من البلد؟ وهل هذا تنطع؟ أرجو أن تبين لي حكم اللحم المستورد في مصر والدواجن، ولو كتب حلال على العلبة، فهل آكله؟ أرجو الجودة في الفتوى بارك الله فيكم والزيادة والتوضيح وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل في اللحم الذي ذبحه المسلمون أو الكتابيون أنه مذكى ذكاة شرعية، وأنه مباح أكله ما لم تدل قرينة على خلاف ذلك، فلا ينبغي التعمق في السؤال عن مثل هذا دفعا للوسواس حتى يأتي دليل يوجب الشك في كون هذا المذبوح قد ذكي ذكاة شرعية أو لا، قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله:

ثبت في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها: أن قوماً أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن قوماً يأتوننا باللحم لا ندري أذَكَروا اسم الله عليه، أم لا؟ قال: سَمُّوا أنتم وكلوا، قالت: وكانوا حديثي عهد بكفر ـ تعني: لم يسلموا إلَّا الآن، لا يدرون هل يُسَمُّون أم لا؟ فقال: سموا أنتم وكلوا ـ فأباح الأكل، وإن كنا لا ندري هل سُمِّي عليه أم لا؟ كذلك يباح الأكل أيضاً إن كنا لا ندري هل ذُبِح على طريقة سليمة أو غير سليمة، لأن القاعدة تقول: الفعل إذا صدر من أهله فالأصل صحته ونفاذه ـ الأصل أنه صحيح نافذ إلا بدليل، فإن جاءنا مذبوحاً من مسلم أو من يهودي أو نصراني لا نسأل عنه، فلا نقول: كيف ذُبِح؟ ولا هل سُمِّي عليه أم لا؟ فهو حلال ما لم تقم بيِّنه على أنه حرام وهذا من تيسير الله، وإلاَّ كان مشكلة، كلما قُدِّم لنا مذبوح نسأل: مَن الذي ذبح؟ فلان، هل يصلي أم لا يصلي؟ يصلي، هل سَمَّى أم لا؟ سَمَّى، هل أنهر الدم أم لا؟ هذا مشكل، لكن من تيسير الله سبحانه وتعالى أن الفعل الصادر عن أهله الأصل فيه الصحة والنفاذ إلا بدليل. انتهى.

فإذا وجد دليل على أن هذا اللحم غير مذبوح في بلد السائل، وهذا على خلاف الأصل، وأنه مستورد، فإنه لا يحكم بإباحته حتى يعلم مصدره، فليس كل اللحم المستورد مباحا ولا كله محرما، بل إنما يباح منه ما علم أنه ذكي ذكاة شرعية بأن كان ذابحه مسلما أو كتابيا ولم نتيقن من كونه ذبح على طريقة مخالفة للشرع، ولا يكفي مجرد الكتابة على اللحم أنه حلال حتى يخبر من يقبل خبره بأن تذكيته صادرة من أهلها، لأن الأصل في الذبائح الحرمة، وهذه الأحكام عامة في اللحم والدجاج، وقد فصلنا هذا مرارا، وراجع الفتاوى التالية أرقامها وما تضمنته من إحالات ففيها بسط جواب مسألتك: 126721، 137887، 129341.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني