الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم مخالفة الهدي الظاهر لمصلحة راجحة

السؤال

إني رجل سني أسكن بغداد، ولا أستطيع أن أطبق سنة النبي صلى الله عليه وسلم في الهدي الظاهر، فهل تجب علي الهجرة إلى مكان آخر أستطيع فيه تطبيق سنة محمد صلى الله عليه وسلم في الهدي من إطلاق اللحية وتقصير الإزار وغيرها؟ مع العلم أن خروج أي شخص يؤثر على التوازن الطائفي في البلد، وقد يؤثر على الآخرين أيضا، فأيهما أولى الصبر في مكاني ومعاونة أهل السنة أو الهجرة لتطبيق السنة وأنا مطيق للصبر والمعاونة؟ أجيبونا بسرعة جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا تجب عليك الهجرة من بلدك هذه، لأنها دار إسلام، والهجرة إنما تجب من دار الكفر، والذي ننصحك به ألا تهاجر من بلدك ذاك لما تشتمل عليه إقامتك فيه من المصالح العظيمة من نشر للسنة وإعانة على التمسك بها ومراغمة لأهل البدع وتكثير سواد أهل الحق لئلا تخلو البلد للبدعة وأهلها، والشرع قد أتى بتحصيل المصالح وتكميلها وتقليل المفاسد وتعطيلها، على أن تلتزم من الهدي الظاهر بما يمكنك الالتزام به دون خوف ضرر، وتوطن نفسك على الالتزام بما عجزت عنه الآن متى أمكنت الفرصة، وأما ما عجزت عن تطبيقه من الهدي الظاهر فلا حرج عليك في تركه، وقد بين شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ أن ترك الهدي الظاهر لمصلحة راجحة قد يجوز أو يستحب مثل ما لو وجد الشخص في دار الحرب أو في بلاد الكفار وكان في التزامه بالهدي الظاهر ضرر عليه، أو كان في ترك التزامه به مصلحة للمسلمين، والحال المذكورة في معنى ما ذكره الشيخ، بل قد تكون أولى، قال شيخ الإسلام في الاقتضاء ما لفظه: ومثل ذلك اليوم: لو أن المسلم بدار حرب، أو دار كفر غير حرب، لم يكن مأمورا بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر، لما عليه في ذلك من الضرر، بل قد يستحب للرجل أو يجب عليه، أن يشاركهم أحيانا في هديهم الظاهر، إذا كان في ذلك مصلحة دينية: من دعوتهم إلى الدين والاطلاع على باطن أمرهم لإخبار المسلمين بذلك، أو دفع ضررهم عن المسلمين، ونحو ذلك من المقاصد الصالحة. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني