الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الواجب تجاه التقاليد والأعراف المخالفة للشرع

السؤال

في عائلتنا الكبيرة نخضع للعادات والعرف أكثر من خضوعنا للشرع، ومن أكثر العادات المقرفة مصافحة وتقبيل الرجال فتجد الحمو يصافح زوجة أخيه ويقبّلها دون حرج، وإن تمنعت انصبوا عليها باللوم والعتاب، فأنا مثلا مقيمة بعيدة عن أهل زوجي فإذا حدث وأن زرتهم أجد نفسي مجبرة لمصافحة أو تقبيل كل من هبّ ودبّ من الرجال بما فيهم إخوة زوجي وزوج خالتي وزوج ابنة خالتي والقائمة طويلة، وأنا أعلم جيدا أن هذا الأمر حرام مثلما يعلم زوجي، لكن لم نتمكن من فرض رأينا والخروج عن هذا العرف المخالف للشرع وهناك من الأقارب من ثار على هذه العادة الشنيعة إلا أن النتيجة كانت حدوث مشاجرات وقطيعة الأرحام، كما أنني سأحجّ هذه السنة ـ إن شاء الله ـ والخوف يكاد يقتلني من اليوم الذي أعود فيه حين سيهبّ الكلّ ليباركوا لي، ولا يتوانون عن مصافحتي وتقبيلي، فما العمل إذن للخلاص من هذه المصيبة؟ وما هو الإثم المترتب عن العادات والأعراف المنافية للشرع، والتي تمارس عمدا من أجل عدم إغضاب الأهل والأقارب؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يخفى أن مثل هذه العادات التي تبيح المصافحة والتقبيل بين النساء والرجال الأجانب عادات باطلة مخالفة للشرع داعية إلى الفساد والشر، فلا يجوز الخضوع لمثل هذه العادات أو التهاون معها، وانظري الفتوى رقم: 125053.

ولا تحل الطاعة لمن أمر بذلك سواء كان زوجا أو أبا أو غيره، فإن الطاعة إنما تكون في المعروف، بل الواجب إنكار هذه العادات القبيحة وبيان حكم الشرع فيها، ولا عبرة بغضب من يغضب من الأقارب بسبب ذلك، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: من أرضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس، ومن أسخط الناس برضا الله كفاه الله مؤنة الناس.

ولا شك أن المؤمن يقدم أمر الله على كل ما سواه ولا يستسلم لواقع يخالف الشرع، بل يبذل جهده في سبيل تغيير هذا الواقع وله في ذلك الأجر العظيم والخير الكثير، يقول الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله: والواجب على المؤمن أن يحكم الشرع لا العادة، لأن الشرع هو الحاكم وهو الذي يجب علينا الرجوع إليه، قال الله تبارك وتعالى: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً، وقال الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ، وقال الله تبارك وتعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ـ وعلى هذا فالواجب العدول عن هذه العادات المخالفة للشرع والإنسان إذا ترك ما اعتاده وألفه طاعة لله ورسوله واتباعا لرضا الله ورسوله فإنه يجد بذلك حلاوة الإيمان ويطمئن قلبه وينشرح صدره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني