الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقوال العلماء في فساد صوم من أخرج ريقه ثم عاد فابتلعه

السؤال

قرأت في موقعكم أن إخراج الريق أو اللعاب للصائم بحيث يخرج للشفاه الخارجية ثم رده مرة أخرى وبلعه ذلك يفطر. ما الدليل على ذلك؟ وهل جميع المذاهب والعلماء مع ذلك؟
جزاكم الله أوفر الجزاء وهدانا وإياكم الصراط المستقيم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :

فإن الريق إذا انفصل عن اللسان وصار على الشفتين يعتبر قد انفصل وصار كسائر السوائل إذا ابتلعها الصائم أفطر، كما لو وضع الماء على شفته ثم مصه بلسانه وابتلعه, ولم نطلع من خلال بحثنا على خلاف بين العلماء في ذلك.

جاء في الحاوي للماوردي الشافعي رحمه الله فيما يتعلق ببلع الريق: فَأَمَّا بَلْعُ الرِّيقِ، وَازْدِرَادُهُ للصائم فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ : أَحَدُهَا : أَنْ يَبْلَعَ مَا يَتَخَلَّفُ فِي فَمِهِ حَالًا فَحَالًا ، فَهَذَا جَائِزٌ لَا يَفْسُدُ بِهِ الصَّوْمُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ , وَالثَّانِي : أَنْ يَمُجَّ الرِّيقَ مِنْ فَمِهِ ثُمَّ يَزْدَرِدُهُ وَيَبْتَلِعُهُ فَهَذَا يُفْطِرُ بِهِ إِجْمَاعًا ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُسْتَأْنِفِ لِلْأَكْلِ . وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ : أَنْ يَجْمَعَهُ فِي فَمِهِ حَتَّى يَكْثُرَ ، ثُمَّ يَبْتَلِعَهُ فَفِي فِطْرِهِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : قَدْ أَفْطَرَ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ فِي التَّحَرُّزِ مِنْ مِثْلِهِ . وَالثَّانِي : لَا يُفْطِرُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْطِرُ بِقَلِيلِهِ ، فَكَذَلِكَ لَا يُفْطِرُ بِكَثِيرِهِ ... اهـ.

والذي يظهر لنا أن هذا الإجماع الذي نقله الماوردي يعني به إجماع الفقهاء وليس خاصا بمذهب الشافعية.

و جاء في الشرح الكبير من كتب الحنابلة: فإن خرج ريقه إلى ثوبه أو بين أصابعه أو بين شفتيه ثم عاد فابتلعه، أو بلع ريق غيره أفطر، لأنه ابتلعه من غير فمه أشبه غير الريق ... اهـ.

وكذا جاء في الجوهرة النيرة من كتب الحنفية: وَإِنْ فَتَلَ الْخَيَّاطُ الْخَيْطَ وَبَلَّهُ بِرِيقِهِ ثُمَّ أَمَرَّهُ ثَانِيًا وَثَالِثًا فِي فِيهِ وَابْتَلَعَ ذَلِكَ الرِّيقَ فَسَدَ صَوْمُهُ، وَصَارَ كَمَا إذَا أَخْرَجَ رِيقَهُ ثُمَّ ابْتَلَعَهُ، وَلَوْ سَالَ لُعَابُ الصَّائِمِ إلَى ذَقَنِهِ وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ غَيْرُ نَائِمٍ فَابْتَلَعَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْقَطِعَ لَا يُفْطِرُ ... اهـ .

والمالكية لهم قولان في جمع الريق في الفم وابتلاعه قول بالكراهة وقول بالتحريم وفساد الصوم بذلك, وأحرى لو أخرجه من فمه ثم رده.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني