الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يكفر من يجلس مع من يسب الدين ومعنى قوله تعالى ((..إنكم إذا مثلهم..)

السؤال

فضيلة الشيخ: كنت قد فهمت من بعض العلماء الكبار أن مجالسة الذين يسبون الدين كفر غير أني لم ألتزم بذلك وأصررت على مجالستهم مع إنكاري القلبي غالبا واللفظي أحيانا، فهل أعد كافرا لاعتقادي بكفر مجالستهم ومع ذلك فعلي له، بل والإصرار على الحضور؟ أم أن الإنكار القلبي يرفع عني ذلك علما أنني قرأت لشيخ أنه لايكفي؟ وما معنى المثلية في الآية الشريفة؟ وهل هي المثلية في الإثم أم الكفر؟ أريد التفصيل في ذلك، لأني فهمت أن في ذلك خلافا للعلماء؟ وإذا كان كفرا فما حكم زوجتي التي لم أدخل بها؟ وهل تعتبر ردتي طلاقا؟ وإذا لم تكن طلاقا، فهل يجوز لي أن آخذ برأي شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في عدم تجديدي العقد ذلك أن فيه مشقة علي؟ علما بأنني شافعي المذهب وأنتم تعلمون حكم العقد هذا عند الشافعية، أفتوني مأجورين فأنا في ضيق من أمري وسفري قريب جدا أعرف أن ما فعلته عجيب لكنني اليوم أريد أن أستريح فقد تعبت مما أنا فيه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمما يجدر التنبيه عليه أولا هو أن من ثبت إسلامه بيقين لا يزول عنه إلا بيقين مثله، كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية فالسامع للكفر وقلبه مطمئن بالإيمان لا يشارك القائل في كفره إلاَّ إذا رضي ذلك، وأما المثلية في قوله تعالى: إنكم إذاً مثلهم ـ لا تعني المثلية في الكفر، وإنما المشاركة في الإثم، قال ابن كثير في تفسيره: أي إنكم إذا ارتكبتم النهي بعد وصوله إليكم ورضيتم بالجلوس معهم في المكان الذي يكفر فيه بآيات الله ويُستهزأ وينتقص بها، وأقررتموهم على ذلك، فقد شاركتموهم في الذي هم فيه، فلهذا قال الله تعالى: إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ ـ في المأثم. اهـ.

والواجب على المسلم أن ينكر مثل هذا المنكر العظيم ما استطاع، وأضعف الإيمان أن يترك مكان المنكر، إنكارا لذلك لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد الخدري: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.

وتبين لك مما تقدم أنك لم تكفر بمجرد جلوسك في هذا المكان الذي يكفر فيه بالله مع عدم إنكارك على القائلين، ما دام قلبك مطمئنا بالإيمان، وبهذا تعلم أن زوجتك لا تزال في عصمتك فاطرد عنك الوساوس، ونوصيك بالمبادرة إلى إتمام الزواج والحرص على مصاحبة ومجالسة الأخيار واجتناب مجالسة الفجار، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى

رقم: 9163

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني