الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اختلاف تنوع وفهم..لا اختلاف تضاد

السؤال

أناطالب في جامعة "ستوني بروك "أحيانا أختلف مع إخواني في منظمة الطلاب لأنهم أحيانا يدعون بأنه يلزمهم اتباع المذهب الحنفي ولذا لا يصلون العصر معنا ، هل تشرح لي الخلاف بين الإمام الشافعي والإمام أبي حنيفة ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فأعلم أن الأئمة السابقين لم يختلفوا في أصول الدين، كالإيمان بالله تعالى وملائكته وكتبه، لأن هذه الأمور لا مجال فيها للاختلاف، ولم يختلفوا كذلك في وجوب الفروع المعلومة من الدين بالضرورة، كالصلاة والصيام والحج، وحرمة الزنا والسرقة، بل كانوا يكفرون من خالفهم في أحد الأمور السابقة وما يشبهها، وإنما اختلف العلماء في الفروع الاجتهادية التي لم يأت فيها نص صريح قطعي الثبوت والدلالة، وهذا أمر طبيعي، لأن الاجتهاد يدعو إلى إعمال العقل، وعقول الناس متفاوتة، فلا بد أن يتفاوت فهمهم لهذه الأدلة التي تحتمل الاختلاف، ومثال القطعي: قوله تعالى:يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء:11]، فلا يمكن أن نقول هنا: للذكر مثل حظ الأنثى، لأنه لا مجال لا ختلاف العقول فيها، أما قوله تعالى:وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [ البقرة:228]، فللعلماء أن يختلفوا في معنى ( القرء) لأنه لفظ مشترك بين الطهر والحيض، وقال بعضهم القرء : هو الطهر، وبناءً عليه سيختلف حساب العدة عند الفريقين، وهذا لا مانع منه شرعاً، لأن الاختلاف سنة من سنن الله تعالى في خلقه. وقد وقع الاختلاف بين الأنبياء، كما حكى القرآن عن سليمان وداود، وحصل بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد موته، ففي الحديث الذي رواه البخاري عن ابن عمر قال: قال النبي صلي الله عليه وسلم يوم الأحزاب: لايصلين أحد العصر إلا في بني قريظة. فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها، وقال بعضهم: بل نصلي لم يرد منا ذلك، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف واحداً منهم.
ولا ينبغي لأحد أن يتخذ الخلاف أو الاختلاف الفقهي وسيلة للتفرق والتعصب، فيترك الصلاة خلف مخالفه في المذهب، أو لا يتزوج ابنته، أو يقطع زيارته، لأن كل هذا مما يخالف هدي الإسلام وسنة خير الأنام، وليعلم أن الأئمة لم يختلفوا اتباعاً للهوى، أو إشباعاً لشهوة حب الانتصار، وإنما اختلفوا لأن كل واحد منهم يرى أن الحق معه لما يرى من موافقته للأدلة الشرعية الثابتة عنده .
والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني