الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم بيع وشراء الضب والقنفذ والسلحفاة

السؤال

حكم بيع وشراء الضب والقنفذ والسلحفاة وفقا للمذاهب الأربعة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما الضب فجمهور العلماء ـ خلافا للحنفية ـ على حلِّ أكله، وبالتالي ففيه منفعة مقصودة، فيجوز بيعه.

جاء في (حاشية البجيرمي): (لا يصح بيع حشرات) لا تنفع، وهي صغار دواب الأرض كحية وعقرب وفأرة وخنفساء؛ إذ لا نفع فيها يقابل بالمال، وإن ذكر لها منافع في الخواص، بخلاف ما ينفع كضب، لمنفعة أكله. اهـ.
وقال ابن حزم في (المحلى): الضب والضبع حلال أكلهما كما ذكرنا قبل، وصيد من الصيود، وما جاز تملكه جاز بيعه. اهـ.
وقال الكاساني الحنفي في (بدائع الصنائع): لا ينعقد بيع الحية والعقرب وجميع هوام الأرض، كالوزغة والضب والسلحفاة والقنفذ، ونحو ذلك؛ لأنها محرمة الانتفاع بها شرعا؛ لكونها من الخبائث فلم تكن أموالا فلم يجز بيعها. اهـ.
فلال يصح بيع شيء من الثلاثة التي ذكرها السائل على مذهب الحنفية. وأما الجمهور فعلى جواز بيع الضب لحل أكله.

قال النووي في (الروضة): يستثنى من الحشرات: اليربوع والضب وكذا أم حبين؛ فإنها حلال على الأصح. ويستثنى من ذوات الإبر الجراد، فإنه حلال قطعا، وكذا القنفذ على الأصح. اهـ.
وقال زكريا الأنصاري في (أسنى المطالب): أما الحشرات المأكولة كالضب واليربوع وأم حبين وابن عرس والدلدل والقنفذ والوبر فيصح بيعها. اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في (المنتقى من فرائد الفوائد) بعد أن ذكر عدة قواعد في حل وحرمة الحيوانات البرية قال: وأما الأشياء المفردة التي فيها خلاف .. فمنها: الضب؛ حرمه أبو حنيفة، والثورى ... ومنها: القنفذ، رخص فيه الشافعي والليث وأبو ثور، وكرهه مالك وأبو حنيفة. اهـ.
وحل أكل القنفذ هو اختيار اللجنة الدائمة والشيخ ابن عثيمين، وراجع في حكم أكله الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 125847، 22805، 22369.
وأما السلحفاة، فجاء في (الموسوعة الفقهية):لا خلاف بين الفقهاء في الجملة في أنه لا ينعقد بيع هوام الأرض التي لا منفعة فيها أصلا. واختلفوا في بعض التفاصيل: فذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أنه لا ينعقد بيع الهوام شرعا، كالوزغة والسلحفاة .. وغير ذلك من سائر هوام الأرض التي لا منفعة فيها ... وأما المالكية فالهوام عندهم طاهرة، ويجوز عندهم بيع الطاهر إذا كان منتفعا به. اهـ.
وقال ابن حزم في (المحلى): السلحفاة البرية والبحرية حلال أكلها، وأكل بيضها لقول الله تعالى: {كلوا مما في الأرض حلالا طيبا} [البقرة: 168] مع قوله تعالى: {وقد فصل لكم ما حرم عليكم} [الأنعام: 119] ولم يفصل لنا تحريم السلحفاة، فهي حلال كلها وما تولد منها ... روينا عن عطاء إباحة أكل السلحفاة، والسرطان. وعن طاوس والحسن ومحمد بن علي وفقهاء المدينة: إباحة أكل السلحفاة. اهـ. وراجع في حكم أكل السلحفاة الفتويين: 121، 8959.
وما جاز أكله من الحيوان جاز بيعه، فإن البيع مداره على النفع، فما كان فيه نفع فلا بأس ببيعه، وراجع في ذلك الفتويين: 143307، 123902.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني