الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفض الولي للخاطب لا يخلو من حالين

السؤال

أخت زوجي خطبت منذ عام لشاب وأبوها متوفى، وخلال هذا العام ظهرت الكثير من العيوب منه ومن أهله فأصبح أخوها رافضا لتلك الزيجة خوفا على أخته وخصوصا أنه علم أن أخ الخاطب الأكبر كان متزوجا وطلق زوجته ولديه طفلة ولم يحاول أن يرها أبدا ويزعمون أن الزوجة سيئة، ومن بداية الخطبة عندما كانوا يصرون على شيء في تفاصيل الزواج لا يتراجعون عنه فلم يقدموا شبكة للبنت بزعم أنهم يريدون تقديمها عند كتب الكتاب، وطبعا هذا واضح عن عدم وجود ثقة وإصرارهم على مؤخر يقل عمن في سنها ومستواها أيضا لعدم الثقة وعلى ميعاد غير مناسب لأخيها الذي يعيش بدولة أخرى، كل هذا وقد قام أهل البنت بإتمام الخطبة وعدم النقاش حتى في هذا الأسلوب يتضح أن أخاها بنزوله في ميعاد لا يناسبه وتكلف الكثير من المال لمجرد أنهم يريدون تواجد أخيه أيضا المسافر في دولة أخرى والذي يستطيع أن ينزل في أي وقت وبدون تكلفة كبيرة عن أخيها الذي ينزل بعائلته، ثم حدث أن أطالوا فترة الخطبة مع العلم أن الزواج كان سيحدث بعد سنة وتأجل لسنة ونصف ثم عادوا ليزيدوا سنتين، وخلالهما كثرت الزيارات عن حدها وكل هذا كان يدل على عدم المعرفة بالأصول والالتزام بالدين، وللحق فالخاطب يصلي ولكن التزامه بالدين في الحياة ضئيل ولا يطبق الدين في تصرفاته ومنفتح وكل تلك الأشياء يرفضها الأخ، ولكن الأم تريد أن تزوج ابنتها، والبنت تحب الخاطب ولا تلقي بالا لأي شيء آخر، ثم حدثت مشاكل عديدة وآخرها أن الأخ تكلم مع والد الخاطب ليحدد ميعادا للزواج فتهرب والد الخاطب وأصر على عدم تحديد ميعاد متحججا بتأسيس المنزل مع العلم أنه أوشك أن ينتهي من تأسيسه ويستطيع أن يتمه في شهر واحد وتكلم والد الخاطب مع أخيها بصورة سيئة وباستهانة وبطريقة سوقية تخلو من الأدب مع العلم أن أخاها التزم الأدب في حديثه ولم يتلفظ بكلمة أو بنبرة سيئة، وبعد انتهاء المكالمة على لا شيء زعموا أن أخاها قد تطاول على والد الخاطب وطلبوا الاعتذار ولم يحاول أحد من أهل الخاطب أو الخاطب نفسه محادثة أخيها وهو وليها بعد أبيها وتحدث الخاطب مع الفتاة بعصبية وبنبرة عالية ولوم من أن أخاها تحدث أساسا لأبيه، أما الفتاة والأم وباقي الأسرة فهم يعلمون خلق الأخ وأنه لم يخطئ وأنهم يكذبون ولكن ما زالت الفتاة تريد الزواج منه بعد كل هذا وطبعا تأكد للأخ أنه سيلقي بأخته إلى التهلكة وسيصير مصيرها كزوجة الأخ الأكبر وأنه لا يستطيع تزويجها لمن لا خلق له ولا لأهله، لأنها أمانة في رقبته سيحاسب عليها وحاول الجميع ـ أمها وأختها وزوج أمها وزوج أختها ـ إقناعها فرفضت فسخ الخطبة ولم تلق بالا لإهانة أخيها فقال الأخ إنه يرفض الزواج تماما ولن يزوجها له، وأنا أريد أن أعرف هل يجوز لها أن تتزوج مع رفض وليها الزواج من هذا الخاطب؟ وهل يصلح أن تجعل زوج والدتها وليها أو أحد أعمامها وليها؟ وهل على الأخ ذنب لرفضه زواج أخته بمن لا يصلح لها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالولي شرط لصحة النكاح، وهو قول جمهور الفقهاء وتؤيده السنة الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو القول المفتى به عندنا، وراجعي الفتوى رقم: 3395.

ورفض الولي للخاطب لا يخلو من حالين:

الأولى: أن يكون له مسوغ شرعي في رفضه بأن يكون هنالك مطعن في دينه أو خلقه، فله حينئذ رفض الخاطب، ولا يأثم لأنه ليس كفؤا للزواج من هذه الفتاة، والنبي صلى الله عليه وسلك يقول: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلو تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي.

الثانية: أن يكون مستقيما دينا وخلقا، فمثله لا ينبغي للولي رده، بل ينبغي له تزويجه، فإن أصر على الامتناع من تزويجها منه فللفتاة أن ترفع أمرها إلى القاضي الشرعي أو من يقوم مقامه، فإن ثبت عنده العضل زوجها أو وكل من يزوجها فالسلطان ولي من لا ولي له، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا امتنع الأقرب زوجها الأبعد، وترتيب الأولياء في النكاح قد سبق بيانه بالفتوى رقم: 129293.

وزوج الوالدة ليس وليا ما لم يكن من العصبة.

وننبه إلى أن الخاطب إذا كان كفؤا فلا يؤاخذ بحال أهله من خلق قبيح أو معاملة سيئة أو نحو ذلك من الصفات المعيبة.

الله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني