الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قول أهل العلم فيمن باع أو اشترى على بيع أو شراء أخيه

السؤال

السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاتهأما بعد:ما الحكم الشرعي في مسألة البيع على البيعة الأولى إن تمت بالكلمة فقط بين شخصين بدون عقد بينهما ولا تسبيق مقدم (يعني بالمال).أجيبونا بارك الله فيكم وفي عملكم الصالح.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإذا تم البيع مستوفياً شروطه وأركانه التي سبق أن بيناها في الفتوى رقم:
15662 فهو صحيح، ولا يضره عدم توثيقه بكتابة العقد أو الاشهاد ونحو ذلك، لأن التوثيق بالكتابة أو الإشهاد مستحب، وليس بركن ولا شرط في البيع، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 14532
كما لا يضره تأخير دفع الثمن مقدماً أو عند أخذ السلعة، إلا إذا كان المبيع والثمن ربويان كبيع ذهب بذهب أو قيمته، أو تمر بتمر، أو قمح ونحو ذلك، فإنه يشترط التماثل فيما إذا كان الثمن والمثمن من جنس واحد، وبشرط التقابض في مجلس العقد مطلقا، سواء أكان الربويان من جنس واحد، أو كان أحدها والآخر من جنس آخر.
وعلى ضوء ما سبق، فإن البيع يتم بالكلمة، وهي الإيجاب من البائع كقوله: بعت، والقبول من المشتري كأن يقول: اشتريت. وإذا تفرقا على هذا وليس بينهما خيار شرط فلا يحق لأحدهما التراجع، إلا أن يقيله الآخر. ولو باع البائع السلعة لشخص آخر فالبيع باطل لأنه باع مالا يملك، وللمشتري الأول انتزاع السلعة من المشتري الثاني لأنها ملكه.
وأما إذا لم يتفرقا أو تفرقا وبينهما خيار شرط فلكل واحد منهما الحق في إمضاء البيع أو فسخه، وفي هذه الحالة لا يحل لأحد أن يبيع على بيع أخيه أو يشتري على شرائه.
وصورة البيع على بيع الغير هي: أن يتراضى المتبايعان على ثمن سلعة، فيجيء آخر فيقول للمشتري: أنا أبيعك مثل هذه السلعة بأنقص من هذا الثمن، أو يقول أبيعك خيراً منها بثمنها أو بدونه.
وصورة الشراء على شراء الغير هي: أن يتراضى المتبايعان على ثمن سلعة، فيجيء آخر فيقول للبائع: أنا أشتري منك هذه السلعة بأكثر من هذا الثمن. وكل هذا منهي عنه، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يبع بعضكم على بيع بعض حتى يبتاع أو يذر. -أي يترك.
وإنما حرم هذا لما يسببه من العداوة والبغضاء وحدوث المشاكل ونحو ذلك.
وقد اختلف أهل العلم فيمن باع أو اشترى على بيع أو شراء أخيه المسلم، هل يصح بيعه وشراؤه مع الإثم؟ أم أن بيعه أو شراءه باطل؟ فذهب جمهور أهل العلم -وهو وجه عند الحنابلة- إلى أن هذا البيع محرم لكنه لا يبطل لرجوع النهي إلى معنى خارج عن الذات وعن لازمها، إذ لم يفقد هذا البيع شرطاً ولا ركناً، لكن النهي لمعنى مقترن به وهو خارج غير لازم وهو الإيذاء هنا.
و المذهب عند الحنابلة أن البيع باطل لما فيه من الإضرار بالمسلم والإفساد عليه، والنهي يقتضي الفساد، ولعل الراجح هو مذهب الجمهور.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني