الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى حديث: الولد للفراش وللعاهر الحجر

السؤال

الولد للفراش، وللعاهر الحجر ـ ما مدى صحة هذا الحديث؟ وما المقصود بكلمة الحجر؟ وهل تعني الرجم بالحجر وهي عقوبة الزاني المحصن؟ فالمرأة أيضا زانية ومحصنة وحدها الرجم بالحجر أيضا، فلماذا لم يقل للعاهرة الحجر؟ أو أن كلمة الحجر لها معنى آخر في هذا الحديث؟ وإذا ولدت المرأة المتزوجة الولد وزوجها غائب عنها لمدة أكثر من سنة لأن الزوج يعمل في بلد آخر ولم يرجع إلى بلده الذي تعيش بها زوجته لمدة أكثر من سنة، فكيف يمكن أن ينسب هذا المولود إلى هذا الزوج الغائب عن زوجته لمدة تزيد عن السنة؟ والسؤال الآخر متعلق بنفس الحديث: لو فرضنا أنه في عملية أطفال الأنابيب تم الخطأ عمدا أو بغير عمد في اختيار النطفة المنوية للزوج بنطفة منوية لرجل آخر في تلقيح البويضة للزوجة وإحداث الحمل لها بطفل الأنابيب وولادة طفل الأنابيب، فهل يمكن أن نقول إن الولد للفراش ولطبيب مستشفى أطفال الأنابيب الحجر؟ لأنه هو الذي تسبب في تغيير نطفة الزوج بنطفة رجل آخر لإحداث التلقيح لبويضة الزوجة وإحداث الحمل لديها وولادة طفل الأنابيب من النطفة المنوية المأخوذة لرجل آخر غير الزوج الشرعي لهذه المرأة؟ وباعتراف الطبيب نفسه بهذا الخطأ في اختيار النطفة المنوية لرجل آخر غير الزوج الشرعي للمرأة؟ يرجى التوضيح والتفصيل حتى نتمكن من الاستفادة والعمل بهذا الحديث، وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالحديث الذي فيه: الولد للفراش وللعاهر الحجر ـ حديث صحيح متفق عليه، والراجح أن المقصود بقوله: وللعاهر الحجر ـ أن الزاني لا حق له في الولد، وليس المقصود به رجم الزاني، قال النووي: ومعنى له الحجر أي له الخيبة ولا حق له في الولد... وقيل المراد بالحجر هنا أنه يرجم بالحجارة، وهذا ضعيف، لأنه ليس كل زان يرجم، وإنما يرجم المحصن خاصة. اهـ

وكون الولد للفراش هذا هو الأصل حفظا للأنساب من الضياع فلو أن رجلا غاب عن زوجته فولدت فالولد لاحق به مالم ينفه باللعان، قال ابن قدامة: حتى لو أن امرأة أتت بولد وزوجها غائب عنها منذ عشرين سنة لحقه ولدها.

أما ما يتعلق بأطفال الأنابيب والتلقيح الصناعي: فمن شرط جواز ذلك أن يؤمن حصول الخطأ في وضع نطفة غير نطفة الزوج أو بويضة غير بويضة الزوجة، كما نصت قرارات المجمع الفقهي بهذا الشأن، وانظر الفتوى رقم: 5995.

ولا ريب أن تعمد وضع نطفة غير الزوج في رحم المرأة جريمة منكرة، وإن كانت لا توجب حد الزنا إلا أنها في معنى الزنا، ولا ينسب الولد لصاحب النطفة، جاء في فتاوى دار الإفتاء المصرية: غير أن هناك صوراً يتحقق بها ما يتحقق بالزنا أو تقاربه إلى حد كبير منها إدخال المرأة ماء رجل أجنبي عنها في فرجها.

ويقول الشيخ محمود شلتوت: إذا كان التلقيح بماء رجل أجنبي عن المرأة فإنه يزج بالإنسان دون شك في دائرتي الحيوان والنبات، ويخرجه عن المستوى الإنساني، وهو في نظر الشريعة جريمة منكرة وإثم عظيم، يلتقي مع الزنا في إطار واحد جوهرهما واحد ونتيجتهما واحدة.

ويقول الشيخ مصطفى الزرقا: لا يمكن القول باستحقاق عقوبة حد الزنا التي لم يوجبها الشرع إلا في حالة الزنى بمعناه الحقيقي، وإنما تستوجب هذه العملية المحظورة من التلقيح الصناعي عقوبة تعزيرية بما يكفي للزجر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني