الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حد الغنى المانع من الأخذ من الزكاة

السؤال

والداي فقراء وليس لهما دخل ويسكنان في داري وأنا وأخي من ينفق عليهما، ويملكان منزلا قديما فارغا ويريدان الحج بثمنه عندما يباع، وأحد الأقارب يريد إعطاءهما الزكاة، فهل تجوز لهم الزكاة؟ وأنا وأخي لدينا عمل نعيش منه في أروبا ولسنا أغنياء، لكن نعطيه من مرتبنا، وأختي مطلقة منذ سنتين حصلت على تعويضات النفقة 4 آلاف دولار تحتفظ بها لمشروع، وأنا وأخي نعيش في أوروبا ولدينا مرتبات عادية وننفق على الوالدين وعليها ونأويها في مسكننا ولو أنفقت على نفسها لما بقي معها درهم من هذا المبلغ، فهل تجوز لها الزكاة؟ وهل تجوز الزكاة لأختي المتزوجة ولها طفلان وزوجها له عمل يكفيه للعيش ـ 400ـ دولارشهريا ويسكن عند أحد الأقارب بدون إيجار؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالزكاة لا تدفع إلا إلى الأصناف الثمانية الذين حددهم الشرع، وقد ذكرناهم في الفتوى رقم: 27006.

فإذا كان والداك فقيرين ولا يحصل لهما الغنى بنفقتك ونفقة أخيك عليهما فإنه يجوز لقريبك أن يدفع لهما زكاة ماله، وإذا كان والداك مستغنيين بنفقتك ونفقة أخيك عليهما لم يجز دفع الزكاة لهما، وفي خصوص ما ذكرته من بيع والديك للبيت والحج بثمنه فجوابه أنه لا يخفى أن المسكن هو إحدى الحاجات الأساسية للفرد كما هو الحال في المأكل والملبس... فمن لم يكن يملك منزلا غير المنزل الذي يسكنه فليس من الواجب عليه أن يبيع هذا المنزل للحج بثمنه، لأن الحج إنما يجب بالاستطاعة، ومن لا يملك للحج غير منزله الذي يسكنه فإنه غير مستطيع، وأما إن كان يملك منزلا زائدا عن حاجته ولم يكن حج حجة الإسلام وكان ثمن البيت يكفي لنفقة الحج وكان مستطيعا بدنيا، فإن الحج واجب عليه، لتوفر شرط الاستطاعة فيه، وقد قال تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا {آل عمران:97}.

وعلى هذا، فإذا كان ثمن البيت يكفي لأداء الحج وكان فاضلا عن حاجة مالكه ـ سواء كان أبوك أو أمك أو كلاهما ـ ولم يحج وجب عليه بيع البيت والحج، والمال الذي تدخره أختك يجب عليها هي أن تخرج زكاته إن كان بالغا النصاب وحال عليه الحول , ومقدار النصاب خمسة وثمانون جراما من الذهب أو خمس مائة وخمسة وتسعون جراما من الفضة, ولا يجوز دفع الزكاة لها إذا كانت مستغنية بمالها، والعلماء مختلفون في حد الغنى المانع من الزكاة، والمفتى به عندنا أن من ليس عنده من المال ما يكفيه لمدة سنة فإنه يجوز دفع الزكاة إليه، كما بيناه في الفتوى رقم: 114430.

قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله: حد الغنى الذي يمنع من أخذ الزكاة هو أن يجد الإنسان كفايته سنة. اهــ.

فإذا كان مال أختك يكفيها نفقة سنة أكلا وشربا وسكنا وملبسا لم يجز دفع الزكاة إليها حينئذ وكونه سينفد إن أنفقت منه لا يبرر دفع الزكاة لها ما دامت مستغنية به, وإذا كان مالها لا يكفيها نفقة سنة وجب على والدها أن يكمل لها ذلك، لأنها فقيرة ونفقتها واجبة عليه, فيكمل لها نفقة سنة ولو بإسكانها, وإذا لم تحصل الكفاية بإسكانها وكان البيت زائدا عن حاجته فإنه يبيعه ليكمل نفقة ابنته، لأن نفقة القريب الواجبة يباع من أجلها العقار الفاضل, جاء في مغني المحتاج من كتب الشافعية: ويباع فيها ـ أي نفقة القريب ـ ما يباع في الدين من عقار وغيره، لأن نفقة القريب مقدمة على وفاء الدين، وإذا بيع ذلك في الدين ففي المقدم عليه أولى. اهـــ.

وإذا كان والدك عاجزا عن أن يكمل لها نفقة السنة جاز دفع الزكاة إليها, وأختك المتزوجة إذا كانت مستغنية بنفقة زوجها لم يجز دفع الزكاة لها، وانظر الفتوى رقم: 128146، عن حد الفقير الذي يستحق الأخذ من الزكاة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني