الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء في إسقاط الولي المهر

السؤال

اتفقت مع زوج ابنتي على مؤخر الزواج، و عند عقد القران لم أدون المؤخر في قسيمة الزواج بمحض إرادتي لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: خير النساء الأقل مهورا. وكذلك حتى لا أحمل الزوج رسوم الزواج. فهل هذا حرام أم حلال؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمهر حق خالص للمرأة فرضه الله لها على الزوج، قال تعالى: وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا {النساء:4}.

والحكم فيما سألت عنه له ارتباط بما إذا كان للأب إسقاط المهر عن الزوج أم لا؛ لذا يحسن أن نبين حكم إسقاط الأب المهر عن الزوج.

وإسقاط الأب مهر ابنته بدون رضاها محل خلاف بين أهل العلم، فعلى القول الصحيح عند الحنابلة أنه لا يجوز له إسقاطه.

جاء فى المغنى لابن قدامة: ولا يصح عفو الولي عن صداق الزوجة أبا كان أو غيره، صغيرة كانت أو كبيرة. نص عليه أحمد في رواية الجماعة، وظاهر قول أبي حفص أن المسألة رواية واحدة وأن أبا عبد الله رجع عن قوله بجواز عفو الأب وهو الصحيح لأن مذهبه أنه لا يجوز للأب إسقاط ديون الصغيرة ولا إعتاق عبيده، ولا تصرفه له إلا بما فيه مصلحته ولا حظ لها في هذا الإسقاط فلا يصح. انتهى.

وعند الإمام مالك يجوز للأب إسقاط نصف المهر قبل الدخول وبعد الطلاق.

جاء في شرح الخرشي على مختصر خليل المالكي: يعني أنه يجوز لأبي المجبرة بكرا أو ثيبا صغرت كما في الجلاب، أن يعفو عن نصف الصداق بشرط أن يكون ذلك قبل الدخول وبعد الطلاق، ولا يجوز عند مالك أن يعفو عن ذلك قبل الطلاق حملا على أن الأصل في الإسقاط عدم المصلحة .انتهى.

وعند الشافعية لا يجوز للولي إسقاط المهر إلا بخمسة شروط جاءت مفصلة في المهذب للشيرازي الشافعي حيث قال: فإذا قلنا إن الذي بيده عقدة النكاح هو الولي لم يصح العفو منه إلا بخمسة شروط:

أحدها: أن يكون أبا أو جدا لأنهما لا يتهمان فيما يريان من حظ الولد، ومن سواهما متهم.

والثاني: أن تكون المنكوحة بكرا فأما الثيب فلا يجوز العفو عن مالها لأنه لا يملك الولي تزويجها.

والثالث: أن يكون العفو بعد الطلاق وأما قبله فلا يجوز لأنه لا حظ لها في العفو قبل الطلاق، لأن البضع معرض للتلف فإذا عفا ربما دخل بها فتلفت منفعة بضعها من غير بدل.

والرابع: أن يكون قبل الدخول فأما بعد الدخول فقد أتلف بضعها فلم يجز إسقاط بدله.

والخامس: أن تكون صغيرة أو مجنونة. فأما البالغة الرشيدة فلا يملك العفو عن مهرها لأنه لا ولاية عليها في المال. انتهى.
وبناء على ما سبق فإن كان عدم كتابة مؤخر المهر في قسيمة الزواج يعني إسقاطه عن الزوج فهذا لا يجوز ولا يمضي؛ لما مر من أن بعض أهل العلم قال بعدم جواز إسقاط المهر مطلقا، والبعض الذي أجاز إسقاطه قد أجاز ذلك بشروط لم تتوفر في حالتك.

وإذا تقرر أن إسقاط مؤخر مهر ابنتك غير نافذ فهو باق في ذمة الزوج، وراجع في ذلك الفتوى رقم : 17243

وإن كان عدم كتابة المؤخر في قسيمة الطلاق ليس إسقاطا له فلا حرج في ذلك ولا يسقط بعدم تسجيله، ولكن الأولى تسجيله قطعا للنزاع. وراجع للفائدة الفتوى رقم : 141741

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني