الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأصل الطهارة ما لم تتيقن النجاسة

السؤال

سؤالي في الطهارة: هناك شخص يدخل إلى الحمّام في حذاء عادي وليس حذاء مخصصا للحمّام، ثم يخرج ويسير على البساط وطبعا الحذاء ملوث بسبب أنه دخل به للحمّام، ونحن نمر على هذا البساط ونجلس عليه. فهل تصح معه الصلاة أو لا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبق أن أوضحنا في عدة فتاوى سابقة، أن الأصل في الأشياء الطهارة، بما في ذلك أرضية الحمام، فإن الأصل فيها الطهارة ما لم تعلم نجاستها ، فإذا علمت نجاستها أو نجاسة موضع منها ، ثم مشى عليه شخص ما ، وصادف موضع النجس مبتلا أو رجله مبتلة تنجست رجله، لكن ما دام ذلك كله موضع شك ، فإن الشك لا تتَنجس به الأشياء الطاهرة ، وعليه فلا يحكم بنجاسة البساط المذكور بسبب مرور الشخص بحذائه ما لم يتحقق من أن الحذاء مصاب بالنجس وأنه غير يابس، فعند ذلك يتنجس الموضع الذي أصيب بها وحده ، فلا تصح الصلاة عليه ، ويبقى الباقي على الأصل وهو الطهارة ، وفي حال الشك في انتقال النجاسة من جسم لآخر فالأصل عدم انتقالها ، فيستصحب هذا الأصل حتى يحصل اليقين بخلافه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 128341 ، بل ذكر بعض العلماء أن الإنسان إذا بل رجله ثم مر بها على نجس يابس ثم مر بها على موضع طاهر فإنها تطهر بالمرور الثاني أي يعفى عما تعلق بها ، وهذا القول مناسب لأصحاب الوساوس والشكوك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله: فإن أرض الحمام الأصل فيها الطهارة، وما يقع فيها من نجاسة كبول فهو يصب عليه من الماء ما يزيله، وهو أحسن حالا من الطرقات بكثير، والأصل فيها الطهارة، بل كما يتيقن أنه لا بد أن يقع على أرضها نجاسة، فكذلك يتيقن أن الماء يعم ما تقع عليه النجاسة، ولو لم يعلم ذلك، فلا يجزم على بقعة بعينها أنها نجسة، إن لم يعلم حصول النجاسة فيها . انتهى.

وفي مواهب الجليل على مختصر خليل في الفقه المالكي: وأما مسألة الرجل: فمعناها أن الإنسان إذا بل رجله ثم مر بها على نجس يابس، ثم مر بها على موضع طاهر فإنها تطهر بالمرور الثاني أي يعفى عما تعلق بها ولذا أدخلها في المعفوات، وأصل المسألة في سماع أشهب من كتاب الوضوء قال: سئل مالك عن الرجل يتوضأ ثم يطأ الموضع القذر الجاف، قال لا بأس بذلك قد وسع الله تعالى على هذه الأمة ثم تلا: وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ {البقرة: 286}. انتهى.

وانظر الفتوى رقم :176201.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني