الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تولي المناصب وكيف تكون طاعة وقربى

السؤال

- إذا كنت أرى في نفسي وكذلك من حولي يرون في صلاحا لمنصب معين. فكيف يكون سعيي لهذا المنصب عبادة خالصة لوجه الله تعالى؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل هو تحفظ المسلم الراغب في النجاة لنفسه من المناصب، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك إلا أتى الله مغلولا يوم القيامة يده إلى عنقه فكه بره أو أوثقه إثمه، أولها ملامة، وأوسطها ندامة، وآخرها خزي يوم القيامة. قال المنذري: رواه أحمد ورواته ثقات إلا يزيد بن أبي مالك. وصححه الألباني.

وقال لأبي ذر: يا أبا ذر إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها. رواه مسلم.

قال النووي: هذا الحديث أصل عظيم في اجتناب الولايات، لا سيما لمن كان فيه ضعف عن القيام بوظائف تلك الولاية. اهـ.

ولذلك، نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن سمرة عن ذلك فقال: لا تسأل الإمارة، فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أوتيتها من غير مسألة أعنت عليها. متفق عليه.

وفي الصحيحين عن أبي موسى رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجلان من قومي، فقال أحد الرجلين: أمِّرنا يا رسول الله، وقال الآخر مثله، فقال: إنا لا نولي هذا من سأله ولا من حرص عليه. وفي رواية لمسلم أنه قال: لا نستعمل على عملنا من أراده.

قال ابن حجر في الفتح: ظاهر الحديث منع تولية من يحرص على الولاية إما على سبيل التحريم أو الكراهة، وإلى التحريم جنح القرطبي، ولكن يستثنى من ذلك من تعين عليه. اهـ.

وأما من علم من نفسه الأهلية لمنصب ورأى جمع من أهل الحل والعقد صلاحيته فلا حرج عليه في السعي لحصوله، وعليه أن يتحمل المسؤولية في ذلك بنية إحقاق الحق وعدم إعطاء الفرصة لأهل الباطل في التحكم في أمور المسلمين. فقد قال خليل في المختصر في كلامه على القضاء : ولزم المتعين أو الخائف فتنة إن لم يتول أو ضياع الحق القبول والطلب وأجبر وإن بضرب ...اهـ.

وجاء في الموسوعة الفقهية: يختلف الحكم باختلاف حال الطالب، فإن كان لا يصلح لها إلا شخص وجب عليه أن يطلبها، ووجب على أهل الحل والعقد أن يبايعوه، وإن كان يصلح لها جماعة صح أن يطلبها واحد منهم، ووجب اختيار أحدهم، وإلا أجبر أحدهم على قبولها جمعا لكلمة الأمة، وإن كان هناك من هو أولى منه كره له طلبها، وإن كان غير صالح لها حرم عليه طلبها. اهـ.


والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني