الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة

السؤال

بسم الله الرحمن لرحيم إخوتي بالله السلام عليكم .في الحقيقة عندما كان عمري 15سنة كنت فعلا أشعر نفسي دائما مع ربي في كل وقت وشاهدت رسول الله في نومي عدة مرات وأنا لا أترك فريضة ومتحجبة وألبس المانطو ولا أضع على وجهي أياً من الماكياج ،ولكن الآن عمري أصبح اثين وعشرين عاما ومن حوالي السنة أصبحت أشعر بأنني أبتعد شيئا فشيئا عن عبادة الله فلم أعد مرتدية للمانطو وإنما أرتدي ملابس عادية ولكنها محتشمة وكذلك أصبحت أضع على وجهي ماكياجا خفيفاً جدا وغير واضح وها أنا الآن تذهب عني صلاة العصر وأحيانا المغرب أثناء وقت العمل على علم بأنني أعمل ولا أؤديها لاحقا . أفيدوني كيف لي أن أعود كما كنت في السابق وماذا عن الصلوات التي تذهب مني أثناء وقت دوامي في العمل ، وجزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فأننا ننصح السائلة الكريمة بالبحث عن السبب الذي جعلها تستبدل الذي هو أدنى بالذي خير ، فإذا عرف الدّاء سهل الدواء.
فإذا كان سبب ذلك هو الانهماك في العمل والانشغال بالدنيا فهذا العمل لاخير فيه، ولا بارك الله في عمل يشغل عن الصلاة.
وقد قال صلى الله عليه وسلم كما في الموطأ والصحيحين عن ابن عمر من فاتته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله. ومن فاتته صلاة العصر فقد حبط عمله.
وفي صحيح مسلم مرفوعا لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها. يعني الفجر والعصر. وفيه من صلى البردين دخل الجنة. والبردان الفجر والعصر. ومفهوم المخالفة يقتضي أن من لم يصلهما قد لا يدخل الجنة، ومن لا يدخل الجنة دخل النار. والعياذ بالله-.
ونقول للسائلة الكريمة: لا ينبغي أن يكون هنالك تعارض بين العمل وبين الصلاة ، فالمسلم إذا كان مطالباً بأداء الصلاة والمحافظة عليها فإنه مطالب كذلك بالعمل والإنتاج، ولكن العبادة هي الأصل الذي من أجله خلق الإنسان، وهي رأس ماله ورصيده الأخروي، والصلاة هي عماد الدين كما قال صلى الله عليه وسلم رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة .... رواه الترمذي عن معاذ. والله تعالى يقول وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ [القصص:77].
فهذا الدين دين الفطرة ملائم للإنسان أينما كان، وكيفما كان، عاملا أو عاطلا.
أما الصلوات التي ضاعت منك - نسأل الله العافية - فقد اختلف أهل العلم في حكمها:
فبعضهم عد من ترك الصلاة متعمداً كافراً - والعياذ بالله - وقد حبط عمله الأول كله فلا ينتفع بصلاة ولا صيام ولا حج سابق، لقوله تعالى وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِين [الزمر:65].
وقوله صلى الله عليه وسلم: بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة. رواه مسلم عن جابر. والقول الآخر هو أنه كافر كفرا أصغر لا يخرج من الملة. وعلى ذلك، فإن ما ضاع من الصلوات يجب قضاؤه مع كثرة الاستغفار والتوبة والعمل الصالح.
وعليه، فإن على السائلة الكريمة أن تبادر إلى التوبة النصوح وأن تنوي ألا تعود إلى ترك الصلاة أبدا ما بقي من عمرها، وأن تقضي هذه الصلوات التي فاتتها لعل الله تعالى أن يتقبل منها.
وأخيرا ننصح الأخت الكريمة أن تتقي الله تعالى وتبتعد عن أصدقاء السوء فإنهم مصدر كل بلاء، ويمكن أن يكونوا هم السبب فيما أصابها. وما أصاب هذه الأخت يعد مصيبة من أعظم المصائب فقد آل بها الأمر إلى ارتكاب المحرمات، والتهاون في الواجبات، أفبعدما ذاقت طعم الإيمان ولذة العبادة تنتكس على عقبيها إلى هذا الحد؟!
ومن أنفع الأدوية لها أن تصحب أهل الخير وتحضر مجالسهم وتستمع إلى المواعظ، فإن الذكرى تنفع المؤمنين. والحمد الله أنها انتبهت لما أصابها ، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياها للتوبة النصوح.


والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني