الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل المعاصي والسيئات تحبط الطاعات والحسنات

السؤال

السادة علماؤنا ومشايخنا الأفاضل: أرجو توضيح إذا ما كان ارتكاب المعاصي والآثام يحول دون تقبل المولى عز وجل للفرائض، مثال إذا كان شخص ما يصلي صلاة الفرائض صلاة صحيحة وكاملة، ولكنه يرتكب المعاصي مثل شرب السجائر أو المخدرات، أو شخص يقرأ القرآن ويحفظه ولكنه في المقابل يسمع الأغاني، فهل المعصية والإثم تبطل الفرائض والحسنات؟ أفيدوني أفادكم الله وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب على المسلم أن يحذر كل الحذر من الذنوب والمعاصي، وأن يعلم أنه إن استرسل معها فهو على خطر عظيم، وكما أن الحسنات يذهبن السيئات فإن السيئات قد تحبط الحسنات، فالحسنات والسيئات يتدافعان والحكم للغالب منهم، وقد حذرنا الله تعالى من إحباط طاعاتنا بالمعاصي، فليس الشأن في عمل الطاعة إنما الشأن في المحافظة عليها بعد أدائها أن تحبط وصاحبها لا يشعر، يقول العلامة ابن القيم رحمه الله: ومحبطات الأعمال ومفسداتها أكثر من أن تحصر، وليس الشأن في العمل، إنما الشأن في حفظ العمل مما يفسده ويحبطه، فالرياء وإن دق محبط للعمل، وهو أبواب كثيرة لا تحصر، وكون العمل غير مقيد باتباع السنة أيضاً موجب لكونه باطلاً والمن به على الله تعالى بقلبه مفسد له وكذلك المن بالصدقة والمعروف والبر والإحسان والصلة مفسد لها، كما قال سبحانه وتعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى ـ وأكثر الناس ما عندهم خبر من السيئات التي تحبط الحسنات، وقد قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون ـ فحذر المؤمنين من حبوط أعمالهم بالجهر لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما يجهر بعضهم لبعض، وليس هذا بردة، بل معصية تحبط العمل وصاحبها لا يشعر بها، فما الظن بمن قدم على قول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهدية وطريقه قول غيره وهديه وطريقه؟ أليس هذا قد حبط عمله وهو لا يشعر؟ ومن هذا قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله ـ ومن هذا قول عائشة ـ رضي الله تعالى عنها وعن أبيها ـ لزيد بن أرقم رضي الله عنه لما باع بالعينة: إنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلا أن يتوب ـ وليس التبايع بالعينة ردة، وإنما غايته أنه معصية، فمعرفة ما يفسد الأعمال في حال وقوعها ويبطلها ويحبطها بعد وقوعها من أهم ما ينبغي أن يفتش عليه العبد ويحرص على علمه ويحذره. انتهى.

فعلى المسلم أن يجانب المعاصي ويحذرها صغيرها والكبير، ثم يرجو بعد هذا فضل الله ورحمته، ومن كان ارتكب من المعاصي ما يخشى أن يكون محبطا لعمله فباب التوبة مفتوح لا يغلق في وجه أحد، ومن تاب تاب الله عليه فإذا تاب عاد إليه ثواب حسناته التي كانت قد أحبطتها السيئات، ولتنظر الفتوى رقم: 157527.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني