الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تخصيص السجدة الأخيرة بإطالة الدعاء ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم

السؤال

أنا صاحب السؤال رقم: 2355930، وبصراحة قمت باتباع الفتوى وتوقفت عن الدعاء في آخر سجدة، ولكن هذا أحزنني وأحسست بضيق حيث إنني أجد في الدعاء أثناء السجود طمأنينة ولذة من نوع آخر، ثم إنني طوال حياتي وأنا أسمع عن إكثار الدعاء في السجود ومن ما ورد في فتواكم الكريمة رقم: 127190، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ، رواه مسلم، وكذلك قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ، رواه مسلم، وكذلك قال النووي رحمه الله في شرح قوله: فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ: وَمَعْنَاهُ حَقِيق وَجَدِير، وَفِيهِ الْحَثّ عَلَى الدُّعَاء فِي السُّجُود فَيُسْتَحَبّ أَنْ يَجْمَع فِي سُجُوده بَيْن الدُّعَاء وَالتَّسْبِيح، وكذلك فيستحب للمسلم الإكثار من دعاء الله عز وجل دعاء العبادة ودعاء المسألة، وإذا كان الدعاء في الصلاة فهو أقرب إلى الاستجابة، فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الدعاء ترجى استجابته في السجود، وأن السجود من المواطن التي يستحب فيها الإكثار من الدعاء، فكيف حرمتموني من الإكثار من الدعاء أثناء السجود جزاكم الله خيرا؟ علما بأنني أريد أن ألفت انتباهكم الكريم إلى التالي: أنا لا أخصص آخر سجدة بغرض التخصيص، وإنما فقط لأنه يكون في آخر سجدة لدي متسع من الوقت وبعدها أجلس للتشهد وأسلم مباشرة حيث إنني أطيل جدا في الدعاء وقد يصل إلى ربع أو أحيانا ثلث ساعة أو أكثر وأنا ساجد ولا أستطيع أن أكرر ذلك في كل سجدة، وليس في نيتي الابتداع ولا التخصيص ولا أي شيء من هذا القبيل، أفتوني جزاكم الله خيرا، فمنذ أن تركت إطالة الدعاء في السجود وأنا في حزن حتى إنني في بعض الأحيان أنسى وأطيل السجود ثم أتذكر فتواكم فأقطع لذة السجود وأنهض فقط من أجل الفتوى أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلم وفقك الله أن السعادة كل السعادة إنما تحصل بمتابعة النبي صلى الله عليه وسلم في الأقوال والأفعال، واللذة كل اللذة إنما تكون في التمسك بسنته صلى الله عليه وسلم، ونحن لم نمنعك من التطويل في السجود ولا حرمناك لذته حاشا وكلا، كيف وقد نقلت من فتوانا ما يدل على ترغيبنا في إطالة السجود والإكثار من الدعاء فيه؟ وإنما منعنا مما منع منه أهل العلم من اختصاص السجدة الأخيرة بمزيد تطويل، وهذا لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم والذي أحسن الهدي هديه، ولا نعلمه منقولا عن أحد من أصحابه الذين هم أحرص الناس على الخير وأنت إذا كنت مأموما فإنك مأمور بمتابعة الإمام وإن كنت إماما فإنك مأمور بالتخفيف إلا إذا آثر المأمومون التطويل وإن كنت منفردا فأي حاجة بك إلى تطويل السجدة الأخيرة دون غيرها؟ ولو جعلت سجداتك كلها متساوية أو متقاربة في الطول ودعوت فيها بما شئت فهذا هو المشروع أو طولت بعض السجدات إذا عرضت لك رغبة في الدعاء دون تخصيص لهذه السجدة بالتطويل لم يكن في ذلك بأس، وأما الذي نهينا عنه فهو اعتياد تطويل السجدة الأخيرة وهو الأمر الذي لم يؤثر عن النبي صلوات الله عليه ولا عن أحد من أصحابه كما ذكرنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني