الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قال لزوجته غاضبا: أنت طالق طالق طالق

السؤال

في لحظة غضب أقسم زوجي بالطلاق, وقال: أنت طالق طالق طالق, فما حكم زواجنا؟ هل أستمر في العيش معه أم أنني مطلقة؟
أفيدوني, جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالغضب لا يمنع وقوع الطلاق إلا أن يكون شديدًا قد غلب على عقل صاحبه بحيث لا يدري ما يقول، وراجعي الفتوى رقم: 98385.

وعليه؛ فإن كان زوجك تلفظ بالطلاق فاقدًا للوعي غير مدرك لما يقول فطلاقه غير واقع، وأما إن كان تلفظ بالطلاق مدركًا لما يقول فطلاقه نافذ، لكن لم يتضح لنا من سؤالك هل تلفظ زوجك بالطلاق الصريح من غير تعليق أم أنه علقه على أمر ما؟
فإن كان أقسم بالطلاق أو علقه على أمر معين فإنه إذا حنث في يمينه يقع طلاقه, وهذا مذهب الجمهور المفتى به عندنا, خلافًا لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - الذي يرى أن يمين الطلاق التي لا يراد بها إيقاع الطلاق, وإنما يراد التأكيد, أو الحث, أو المنع من أمر معين لا يقع بها طلاق, وإنما تلزم الحالف كفارة يمين إذا حنث، مع العلم أنه يرى أن الطلاق بلفظ الثلاث يقع واحدة, سواء كان منجزًا أو معلقًا قصد به التطليق، وانظري الفتوى رقم: 11592.
وأما قول زوجك: " أنت طالق طالق طالق" هكذا صريحًا منجزًا، فهذا يحصل به الطلاق واحدة إن كان زوجك لم يقصد إيقاع ثلاث طلقات بهذا اللفظ، وأما إن كان قصد بالتكرار إيقاع ثلاث طلقات فقد وقعت الثلاث في قول جمهور العلماء، قال ابن قدامة في المغني: " فإن قال: أنت طالق طالق طالق, وقال: أردت التوكيد قبل منه.. وإن قصد الإيقاع وكرر الطلقات طلقت ثلاثًا, وإن لم ينو شيئًا لم يقع إلا واحدة؛ لأنه لم يأت بينهما بحرف يقتضي المغايرة فلا يكنّ متغايرات ", فإن كان زوجك لم يستوف ثلاث طلقات فله مراجعتك قبل انقضاء عدتك، ولمعرفة ما تحصل به الرجعة راجعي الفتوى رقم: 30719.

وأما إن كان استوفى ثلاث طلقات فقد بنت منه بينونة كبرى, ولا يحل لك تمكينه من نفسك أو البقاء معه في مسكن واحد يعرضك للخلوة به، ولا سبيل له إلى إرجاعك إلا إذا تزوجت زوجًا غيره - زواج رغبة لا زواج تحليل - ويدخل بك الزوج الجديد ثم يطلقك, أو يموت عنك وتنقضي عدتك منه.

وما دامت المسألة تحتاج إلى استفصال, وفي بعض أحكامها خلاف بين أهل العلم, فالأولى أن تعرض على المحكمة الشرعية, أو على من تمكنكم مشافهته من أهل العلم الموثوق بهم في بلدكم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني