الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصدقة الجارية والمنقطعة يلحق ثوابها الميت

السؤال

لدي استفسار بخصوص حديث: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث....الحديث": لا يخفى على فضيلتكم ما يقوم به بعض أهالي المتوفى من توزيع مصاحف كصدقة جارية على روح متوفاهم, وآخرون قد يخصصون مياهًا للشرب في الطرقات, ويكتبون عليها أنها صدقة جارية...إلى غير ذلك, وسؤالي: هل عمل أهل المتوفى يصل إليه من قريب أو بعيد؟ وأنا أقصد هنا: الصدقات الجاريات بكافة أشكالها التي يقوم بها أهل الميت, فلقد اشترى والدي مصاحف, وأعطاها لأخيه لتوزيعها في المساجد وعلى من يعرفه بنية الصدقة الجارية على روح والدته, وأحد المصاحف التي خصصها لهذا الغرض كان معي أثناء اعتكافي رمضان قبل السابق, وكنت قد شرعت في القراءة فيه بتلك النية - صدقة جارية لجدتي - فهل في أي مما يفعله الناس جدوى؟ وهل الصدقة الجارية المقصود بها ما زرعه المتوفى قبل وفاته فقط فيكرّمه الله من فضله بجني ثماره بعد وفاته؟ أم يجوز أن يكون ما يخصصه الأهل من أعمال خير كصدقة جارية على روح والدهم أو والدتهم أو متوفاهم؟ وهل المقصود في ذلك الحديث أن الدعاء فقط هو ما يستطيع ابن المتوفى إيصاله إليه، وينبغي للصدقة الجارية والعلم أن يكونا من زرع المتوفى نفسه قبل وفاته؟ أم أن الصدقة والعلم والدعاء من الممكن أن يكونا من غير المتوفى للمتوفى بنية إيصال فضلهما إلى المتوفى؟ فالظاهر لدي من الحديث أنه من زرْع المتوفى؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (انقطع عمله) أي: عمل المتوفى, والصدقات الجاريات التي يقوم بها أهل المتوفى ليست من عمل المتوفى. أرجو الافادة من فضيلتكم, مع توضيح هل هناك وسيلة أخرى غير الدعاء يستطيع بها أهل المتوفى أن يخففوا بها على ميتهم إن كان - والعياذ بالله - في ضيق, أو أن يساهموا في رفع درجاته وزيادة حسناته إن كان من المقبولين بفضل الله؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الميت إذا مات انقطع ثواب عمله لانقطاعه هو عن العمل بالوفاة، ولكن يبقى له من عمله أجر ما ذكر في الحديث المشار إليه، وهو حديث صحيح رواه مسلم. والصدقة ليس المقصود بها ما فعله الميت بنفسه فقط ، بل تشمل أيضًا ما فُعِل من أجله وأهدي له ثوابه. فالصدقة الجارية - كوقف المصاحف والمساجد... - أو المنقطعة - كالطعام والمال - التي يقوم بها أهل الميت أو غيرهم ويهدون ثوابها له يلحق الميت ثواب ذلك كله، وإن كان ليس من عمله، ولكنه أهدي له فيلحقه ثوابه, كما سبق بيانه مع الأدلة في الفتويين: 56783، 27442. وبهذا تعلم أن هناك وسائل أخرى - غير الدعاء - يستطيع الأهل وغيرهم أن ينفعوا بها الميت.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني