الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اتباع وساوس الشيطان من أعظم ما يضر به الإنسان نفسه

السؤال

لدي مشكلة وأريد منكم الحل, وهذه المشكلة هي: أن الشيطان يأتيني دائمًا من باب أن الله غفور رحيم، فيأتيني – مثلًا - عندما يقترب موعد الصلاة وبي نوم, أو كنت نائمًا وسمعت المؤذن فيأتي ويقول: نومك نوم ثقيل, وليس كنوم باقي البشر, وإن لجسدك عليك حقًا, ويأتيني دائمًا عندما أفعل العادة السرية فيقول: إن شهوتك أكثر من شهوة غيرك, وإن فعلك العادة السرية جائز؛ لأنك اضطررت لذلك, وإذا اضطررت فهو جائز - حسبما سمعت والله أعلم - فأريد أن تبعدوا عني هذه الوساوس بقال الله تعالى, وقال الرسول صلى الله عليه وسلم, وأقوال العلماء, والمنطق, وشكرًا جزيلًا لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {النور:21}، فإذا كنت تعلم أن ما ذكرته إنما هو من وسوسة الشيطان وتزيينه لك, فإن انقيادك له واسترسالك مع ما يزينه من الباطل من أعظم ما تضر به نفسك، وكيف تتخذ وليًا من نهاك الله عن موالاته, وبين لك أنه لا يزال عدوًا لك ما دامت روحك في جسدك، قال تعالى: أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا {الكهف:50}.

واعلم أن مثل هذه الوساوس التي لا حقيقة لها لا تنفعك عند الله تعالى, ولا تروج عليه، فإذا تعمدت النوم عن الصلاة كنت مرتكبًا كبيرة من أعظم الكبائر, وانظر لبيان فظاعتها الفتوى رقم: 130853, ولا ينفعك أن تقنع نفسك بما ذكرت من واهيات المعاذير.

وكذا إذا استمنيت وأنت توهم نفسك أنك إنما فعلت ذلك للضرورة والأمر ليس كذلك، فالله تعالى لا يُخدع، قال تعالى: يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ {البقرة:9}، فحذار حذار أن تعرض نفسك لغضب الله, فإن غضبه سبحانه لا يقوم له شيء.

وأما الاتكال على سعة رحمة الله: فاعلم أن رحمة الله إنما ينالها من وقف في مساقطها, وتعرض لتحصيلها, وأخذ بأسباب ذلك.

وأما من استرسل في المعاصي زاعمًا أنه يتكل على رحمة الله: فهو يمني نفسه بالأماني الكاذبة، قال تعالى: إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ {الأعراف:56}، قال بعض السلف: رجاؤك رحمة من تعصيه من الخذلان.

فنعيذك بالله - أيها الأخ الفاضل - أن تكون من المخذولين، ونحثك على التوبة النصوح التي تستدرك بها ما فرط منك من الجناية والتقصير، فلتحافظ على الصلوات في أوقاتها, ولا تتعمد النوم عن شيء من الصلوات، وتب إلى الله من هذه العادة الذميمة التي هي الاستمناء, واجتهد في الأخذ بالأسباب المعينة على ذلك: من الإكثار من الصوم, والدعاء, وصحبة الصالحين, ومجانبة ما من شأنه أن يوقعك فيها، واعلم أن الأجل قريب, فقد يفجؤك الموت, وأنت على هذه الحال, فتسوء خاتمتك - والعياذ بالله - فاخش الله, واتقه, وأنب إليه, واعلم أنه سبحانه غفور رحيم, يغفر الذنوب جميعًا لمن تاب منها كما قال سبحانه: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني