الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حقيقة: الروح...الأشباح...الجن

السؤال

ما هي الأشباح؟ الروح؟ الجن؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالشبح: الشخص، والجمع: أشباح، وشبوح. قاله في لسان العرب.
وقال أيضا: الشبح: ما بدا لك شخصه من الناس، وغيرهم من الخلق. ا.هـ.
هذا هو المعنى من حيث الأصل اللغوي، لكن الناس غلّبوا استعماله في ظهور صورة الشخص بعد موته، ويسمونه (شبحاً، عفريتاً)، وقد تكلمنا عن الأشباح في فتوى سابقة، وهي برقم: 188597.
أما الروح: فهي ذلك المخلوق الذي تكون به الحياة، وتفقد الحياة بفقده، وله إطلاقات كثيرة يقول عنها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: لفظ الروح والنفس يعبر بهما عن عدة معان: فيراد بالروح الهواء الخارج من البدن والهواء الداخل فيه، ويراد بالروح البخار الخارج من تجويف القلب من سويداء الساري في العروق، وهو الذي تسميه الأطباء الروح، ويُسمى الروح الحيواني، فهذان المعنيان غير الروح التي تفارق بالموت التي هي النفس. ا.هـ
وتطلق الروح أيضاً على جبريل عليه السلام، قال تعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) [الشعراء:193].
وتطلق على القرآن، قال تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا) [الشورى:52].
وقال ابن تيمية رحمه الله: والروح المدبرة للبدن التي تفارقه بالموت هي الروح المنفوخة فيه، وهي النفس التي تفارقه بالموت. ا.هـ
وقد ذكرنا في فتاوى كثيرة قبل ذلك الفرق بين النفس والروح، وكيفية تصرفها قبل الموت وبعده وذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 8268 ، 14694 ، 16905 ، وليُعلم أن كُنه الروح وماهيتها وحقيقتها لا يستطيع أحد من البشر إدراكه، قال تعالى: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) [الإسراء:85].
وأما الجن، فهم عالم غير الإنسان والملائكة، بينهم وبين الإنسان قدر مشترك من حيث الاتصاف بصفة العقل والإدراك، ومن حيث القدرة على اختيار طريق الخير والشر.
ويخالفون الإنسان في أمور أهمها: أن الإنسان خلق من طين.. وهم خلقوا من نار، قال تعالى: (وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ) [الحجر:27].
وفي الحديث الذي رواه مسلم: "خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم".
قال في آكام المرجان: قال ابن عقيل: إنما سُمي الجن جناً لاجتنانهم واستتارهم عن العيون، ومنه سُمي الجنين جنيناً. ا.هـ
وفي محكم التنزيل: (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ) [الأعراف:27] .
وللجن قلوب وأعين وآذان وأصوات، كما قال تعالى: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) [الأعراف:179].
وقال تعالى: (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ) [الإسراء:64].
وثبت في السنة أنهم يأكلون ويشربون ويضحكون. قال في آكام المرجان: قال ابن عبد البر: الجن عند أهل الكلام والعلم باللسان على مراتب:
1/ فإذا ذكروا الجن خالصاً، قالوا: جني.
2/ فإذا أرادوا أنه مما يسكن مع الناس، قالوا: عامر، والجمع عمار.
3/ فإذا كان مما يعرض للصبيان قالوا: أرواح.
4/ فإن خبث وتعرض قالوا: شيطان.
5/ فإن زاد على ذلك فهو: مارد.
6/ فإن زاد على ذلك وقوي أمره قالوا: عفريت، والجمع عفاريت. ا.هـ.
وروى الحاكم في مستدركه، وقال صحيح الإسناد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الجن ثلاثة أصناف: صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء، وصنف حيات وكلاب، وصنف يحلون ويظعنون".
ولمزيد من المعلومات راجع الفتاوى التالية أرقامها: 15073، 13853، 18135.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني