الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موظف الأمن كيف يفعل إن شق عليه نزع ثيابه للوضوء

السؤال

أعمل طوال الليل, ولا أتمكن من نزع ثياب العمل للوضوء لصلاة الفجر: إما بسبب البرد, وإما بسبب ضغوط العمل, فأنا أعمل في مجال الأمن, فما الحل؟
أسأل الله أن يجزيكم رحمة ومغفرة في الدنيا والآخرة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:

فيمكنك أن تتوضأ مع وجود ثياب العمل, بأن ترفع أكمام اليدين وتغسلهما, وإن تعذر هذا فيجب عليك أن تنزع من الثياب ما يحول بينك وبين الوضوء, وليس ما ذكرته من ضغط العمل عذرًا لترك بعض أعضاء الوضوء, أو الانتقال للتيمم ما دمت قادرًا على نزع الثياب, وكذا مجرد الخوف من البرد لا يبيح ترك الوضوء ولا ترك بعضه، بل لا بد من اتخاذ الوسائل التي تدفع ضرر البرد إن خيف منه الضرر, مثل: تسخين الماء, والوضوء في المكان المغلق, وتنشيف الأعضاء، وإذا لم توجد وسائل لدفع ضرر البرد وخاف المرء الضرر باستعمال الماء مهما عمل يتيمم، قال ابن قدامة في المغني: وَإِنْ خَافَ مِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ، وَأَمْكَنَهُ أَنْ يُسَخِّنَ الْمَاءَ، أَوْ يَسْتَعْمِلَهُ عَلَى وَجْهٍ يَأْمَنُ الضَّرَرَ، مِثْلُ أَنْ يَغْسِلَ عُضْوًا عُضْوًا، وَكُلَّمَا غَسَلَ شَيْئًا سَتَرَهُ، لَزِمَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ تَيَمَّمَ وَصَلَّى فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ... وَمُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: لَوْ رَخَّصْنَا لَهُمْ فِي هَذَا لَأَوْشَكَ أَحَدُهُمْ إذَا بَرَدَ عَلَيْهِ الْمَاءُ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَدَعَهُ. أهــ .

وقال النووي ـ رحمه الله: إذا كانت العلة المرخصة في التيمم مانعة من استعمال الماء في جميع أعضاء الطهارة تيمم عن الجميع, فإن منعت بعضًا دون بعض غسل الممكن, وتيمم عن الباقي. انتهى.

ونحن - أيها السائل - إن أفتيناك بالتيمم في حال البرد: فلا نفتيك لمجرد برد الماء, أو الجو البارد الذي لا ضرر باستعمال الماء فيه, أو يمكن دفع ضرره, وإنما نفتيك في البرد الذي يُخشى ضرره, ولا يمكن دفعه بحال, فلا تتخذ فتوانا بالجواز مطلقة, وتجعلها حجة لك في عدم الوضوء, فالله تعالى عالم بحالك وما تقدر عليه.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني