الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم استئذان الرجل على محارمه

السؤال

ما هي أحكام الاستئذان؟ وهل يجوز لأبي أن يدخل عليَّ وأنا نائمة لإيقاظي لصلاة الفجر - جزاكم الله خيرًا -؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالاستئذان مشروع من أجل ألا يقع بصر الشخص على ما يحرم النظر إليه, جاء في شرح صحيح مسلم للنووي: قوله صلى الله عليه وسلم إنما جعل الإذن من أجل البصر, معناه أن الاستئذان مشروع ومأمور به, وإنما جعل لئلا يقع البصر على الحرام. انتهى

ويجب استئذان الرجل عند الدخول على إحدى محارمه, جاء في فتح الباري للحافظ ابن حجر: واستدل به على أن المرء لا يحتاج في دخول منزله إلى الاستئذان؛ لفقد العلة التي شرع لأجلها الاستئذان, نعم, لو احتمل أن يتجدد فيه ما يحتاج معه إليه شرع له, ويؤخذ منه أنه يشرع الاستئذان على كل أحد حتى المحارم لئلا تكون منكشفة العورة. انتهى

وجاء في الموسوعة الفقهية: وإن كان في بيته أحد محارمه، كأمه أو أخته أو نحو ذلك، ممن لا يصلح له أن يراه عريانًا، من رجل أو امرأة، فلا يحل له أن يدخل عليه بغير استئذان عند الحنفية والمالكية، ويكون الاستئذان عندهم في هذه الحالة واجبًا لا يجوز تركه، بل قال المالكية: من جحد وجوب الاستئذان يكفر؛ لأنه مما علم من الدين بالضرورة, ويدل على وجوب الاستئذان القرآن والسنة وآثار الصحابة ومبادئ الشريعة:

أما القرآن الكريم فقوله تعالى: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا} . . .

وأما السنة المطهرة: فما رواه الإمام مالك، عن عطاء بن يسار: أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أستأذن على أمي؟ فقال: نعم، فقال: إنها معي في البيت, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استأذن عليها, فقال الرجل: إني خادمها، فقال رسول الله: استأذن عليها، أتحب أن تراها عريانة؟ قال: لا، قال: فاستأذن عليها.

وأما آثار الصحابة فهي كثيرة، نذكر منها ما رواه الطبراني من قول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: عليكم أن تستأذنوا على أمهاتكم وأخواتكم.

وما رواه الجصاص عن عطاء قال: سألت ابن عباس أأستأذن على أختي؟ قال: نعم، قلت: إنها معي في البيت, وأنا أنفق عليها، قال: استأذن عليها.

وما ذكره الكاساني عن حذيفة بن اليمان، أنه سأله رجل فقال: أستأذن على أختي؟ فقال: إن لم تستأذن رأيت ما يسوؤك.

وأما مبادئ الشريعة: فإنه إذا دخل عليها بغير استئذان، فربما كانت مكشوفة العورة، فيقع بصره على ما لا يحل له النظر إليه منها، ولذلك وجب الاستئذان، سدًّا للذريعة. انتهى

وبناء على ما سبق, فالواجب على أبيك الاستئذان عليك عند الدخول لإيقاظك لصلاة الفجر, ويكون الاستئذان بدق الباب أو نحو ذلك حتى تستيقظي وتكوني مستترة, ولا يرى منك ما يحرم النظر إليه عند الدخول.

وللتعرف على المزيد من أحكام الاستئذان راجعي الفتوى رقم: 43128, والفتوى رقم: 75406.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني