الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دفن الأموات في البيوت...رؤية شرعية

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد: أنا شاب مقبل على الزواج ولكن لا أملك بيتا ولا أستطيع شراء بيت أو الإيجار ولكن تحصلت على منزل من الهيئة العامة للأوقاف لأسكنه دونما إيجار ولكن هذا البيت به غرفة خارجية يوجد بها ثلاثة قبور قديمة والسؤال هو: هل يجوز لي أن أسكن بهذا البيت؟ وهل تصح فيه الصلاة؟ علماً بأني سأسكن في الطابق الثالث منه وهذا البيت هو فرصتي الوحيدة للزواج كما أن الهيئة العامة للأوقاف تمنع نقل هذه القبور إلى المقبرة. أفيدوني جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن دفن الأموات في البيوت مسألة فيها خلاف بين العلماء، فمنهم من قال بالكراهة، ومنهم من قال بالجواز مع أفضلية الدفن في المقابر، أما من قال بالكراهة فهم الأحناف، قال الكمال بن الهمام في فتح القدير: ولا يدفن صغير ولا كبير بالبيت الذي كان فيه، فإن ذلك خاص بالأنبياء، بل يُنقل إلى مقابر المسلمين. ا.هـ
وأما من قال بأنه جائز؛ لكن دفنه في مقابر المسلمين أفضل فهم الشافعية والمالكية والحنابلة، قال النووي في المجموع: يجوز الدفن في البيت وفي المقبرة، والمقبرة أفضل بالاتفاق. ا.هـ
وفي مغني المحتاج للشربيني قال الأذرعي: إلا أن تدعو إليه الحاجة أو مصلحة.. على أن المشهور أنه خلاف الأولى، لا مكروه. ا.هـ
وقال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: فيجوز دفنه في الدار كما قال المواق، وإن كان الأفضل بمقابر المسلمين. ا.هـ
وهذا الحكم عند المالكية خاص بمن استهل، أما السقط فيكره دفنه في البيت مطلقاً عندهم.
وقال ابن قدامة في المغني: والدفن في مقابر المسلمين أعجب إلى أبي عبد الله من الدفن في البيوت. ا.هـ والمراد بأبي عبد الله: الإمام أحمد.
والراجح عندنا -والله أعلم- الكراهة، لأن دفنه في المقابر أقل ضرراً على الأحياء من ورثته، وأشبه بمساكن الآخرة، وأكثر للدعاء له والترحم عليه، ولم يزل الصحابة والتابعون ومن بعدهم يقبرون في الصحارى والنبي صلى الله عليه وسلم كان يدفن أصحابه بالبقيع، وفعله أولى من فعل غيره.
فإن قيل: فالنبي صلى الله عليه وسلم قُبر في بيته؟
قلنا: إنما فعل الصحابة ذلك، لقول أبي بكر: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً ما نسيته، قال: "ما قبض الله نبياً إلا في الموضع الذي يجب أن يدفن فيه، ادفنوه في موضع فراشه" رواه الترمذي، وصححه الألباني .
قال ابن قدامة في المغني: صيانة لهم عن كثرة الطراق، وتمييزاً له عن غيره.
وبناء على ماسبق ذكره، فإنه لا مانع من السكن في البيت المذكور، لأنه لا علاقة لك بالقبور الموجودة في هذه الغرفة المستقلة، والأفضل أن تسعى أنت ومن معك من المسلمين لنقل هذه القبور إلى مقابر المسلمين، صيانة لهم ورعاية لحقهم، ولا مانع من نبش القبر لذلك لأنه غرض مشروع، قال في الإقناع -حنبلي- ويجوز نبشه لغرض صحيح. أ.هـ
وقال في الشرح الكبير: وجاز نقل الميت قبل الدفن، وكذا بعده من مكان إلى آخر بشرط ألا ينفجر حال نقله، وأن لا تنتهك حرمته، وأن يكون لمصلحة . ا.هـ
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني