الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تسبب الزوجة في الطلاق هل يسقط حقها من الصداق

السؤال

هل تستحق المطلقة آجل صداقها إذا كانت هي التي سعت إلى الطلاق, وتم طلاقها لأسباب ترجع إليها؟ فإذا كانت الزوجة لم تقبل العيش في كنف زوجها - على سبيل المثال - فهجرت منزل الزوجية الذي أعده له زوجها، وتوجهت بعد فترة قصيرة جدًّا من تاريخ زواجها إلى منزل والدها بمحافظة أخرى، وأبت العودة إلى زوجها, ورفضت كافة محاولات الصلح بينها وبينه لمدة بضع سنوات, ومن بين هذه المحاولات أني أتيت لها بشقة في مدينة أخرى, ولكنها أبت وأصرت على أن أسكن بجوار أمها في محافظة أخرى، وهددتها بالطلاق حتى ترجع, وكان الرد: " أنت حر"؛ مما جعل زوجها حفاظًا على كرامته, وبناء على رغبتها, ونظرًا لتعنتها وتمنعها من العودة إليه والعيش معه تحت سقف واحد، وحتى يبحث عمن يستطيع أن يحفظ فرجه ويصون عفته معها - خاصة إذا كان شابًا في مقتبل عمره, ولا يستطيع الجمع بين أكثر من زوجة في وقت واحد؛ لعدم قدرته المالية على ذلك - فإنه لهذه الأسباب قام بطلاقها غيابيًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبق أن بينا أن من حق المطلقة على زوجها الصداق كاملًا بما في ذلك المؤجل منه عند الدخول بها, ونصفه إذا لم يدخل بها، فراجع الفتوى رقم: 8845 ، ففيها بيان حقوق المطلقة وأولادها.

ولا يسقط الصداق عن زوجها إلا إذا تنازلت عنه برضى منها, أو جعلته عوضًا في مقابل طلاقه لها، قال تعالى: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا {النساء:4}، وقال سبحانه: وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {البقرة:229}, وللفائدة انظر الفتوى رقم: 3875, وما ذكر من تصرفات هذه الزوجة وأنها السبب في الطلاق لا يسقط حقها من الصداق - المعجل منه والمؤجل -.

وننبه إلى أمرين:

الأول: أنه لا يجوز للزوجة الامتناع عن السكن مع الزوج إذا وفر لها سكنًا مستقلًا يليق بها, وإذا امتنعت عن الرجوع لبيت الزوجية - والحالة هذه - فإنها ناشز، والنشوز يسقط نفقتها؛ حتى ترجع عن نشوزها, ولكنه لا يسقط حقها في الصداق, وراجع الفتويين: 79730 - 29115.

الثاني: لا يلزم الزوج أن يسكن زوجته بجوار أمها، بل يجب عليها أن تقيم مع زوجها حيث يقيم، فإذا أمرها بالرحيل معه ليس لها أن تمتنع إلا إذا اشترطت عليه قبل العقد عدم إخراجها من بلدها، وراجع الفتوى رقم: 72117, والفتوى رقم: 1357.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني