الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من ثبت إسلامه بيقين فلا يزول إلا بيقين

السؤال

أنا شخص مصاب بالوسواس القهري، ولدي اعتقاد أن أي شيء أقوله أو أفعله قد يخرجني من الملة، ولدي سؤالان أتمنى الإجابة عليهما:
الأول: متى أعذر بالجهل؟ فمثلاً: إذا علمت أن لبس الصليب مخرج من الملة وقمت بلبس ملابس عليها علم فريق فيه صليب ـ فعلى افتراض أن لبس هذه الملابس يكفرـ فهل أعذر وأعد جاهلا، أو قال أحدهم لي حكماً معينا ولم يذكر الدليل وسخرت منه أعد جاهلا؟ وهل أعذر بقول ابن تيمية بالعذر بالجهل؟.
الثاني: إذا ارتكبت ما يكفر ثم صليت الفريضة وتشهدت، فهل تعتبر توبة وأعد مسلما أم لا؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلم أنه ما لم تعرض عن الوساوس فإن أسئلتك لن تنتهي ولن يهدأ لك بال، فعليك بالإعراض عن هذه الوساوس الشيطانية وتجاهل هذه الخطرات المَرَضية، واشغل نفسك عنها بذكر الله تعالى، وتلاوة القرآن، والاهتمام بما ينفعك في أمر دينك ودنياك، من تعلم علم نافع، أو عمل مثمر، وخدمة للمجتمع، أو تسلية، أو رياضة مباحة، لئلا تفسح المجال للشيطان، والهج بالدعاء والذكر ليكشف الله عنك البلاء، ولا تلتفت لما يخيل لك الشيطان من أنه يوقعك في الردة، فمن ثبت إسلامه بيقين فلا يزول إلا بيقين، إذ الأصل بقاء ما كان على ما كان, فلا يكفر المسلم إلا إذا أتى بقول أو بفعل، أو اعتقاد دل الكتاب والسنة على كونه كفرًا أكبر مخرجًا من ملة الإسلام، أو أجمع العلماء على أنه كفر أكبر, ومع ذلك فلا يحكم بكفر المعين إلا إذا توفرت فيه شروط التكفير، وانتفت عنه موانعه، ومن ذلك أن يكون بالغًا، عاقلًا، مختارًا، وصاحب الوساوس القهرية الذي يلعب به الشيطان لا يعد مختارا, فعالج الأمر بالإعراض الكلي عنه، وأكثر من تلاوة القرآن، والذكر، ومطالعة سير الصالحين، وجالس أهل العلم واختلط بهم، وتجنب الانفراد بنفسك، والمجالس التي تبعدك عن الله تعالى، ويحسن أن تطلب العلاج كذلك بمراجعة بعض الأطباء النفسانيين امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتداوي، والاجتهاد في الدعاء واستعمال الرقى الشرعية.

وأما عن حكم لبس ثوب فيه صليب: فلا يجوز، لكن لا يحصل به الكفر بمجرده, قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: يكره الصليب في الثوب ونحوه على الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب، ويحتمل تحريمه، وهو ظاهر نقل صالح، قلت: وهو الصواب. انتهى.

وما صوبه المرداوي هو الراجح، لما أخرجه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يترك شيئاً فيه تصليب إلا قضبه.
والقضب: القطع.
وأخرج أحمد عن أم عبد الرحمن بن أذنية قالت: كنا نطوف مع عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ فرأت على امرأة برداً فيه تصليب، فقالت أم المؤمنين: اطرحيه، اطرحيه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى نحو هذا في الثوب قضبه.
وأخرج ابن أبي شيبة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كان يحرق ثوباً فيه صليب، ينزع الصليب منه.

وأما بقية المسائل الأخرى: فأرسلها لنا في أسئلة أخرى لنفيدك في شأنها، لأن النظام الذي نوصي به دائما هو جعل كل سؤال منفردا في رسالة خاصة، وللمزيد من الفائدة عن الوسوسة وعلاجها يمكنك مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 3086، 55678، 102447، 111084، 116946، 117004.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني