الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كافل اليتيم المقترف للسيئات هل ينال منزلة القرب من النبي في الجنة

السؤال

هل كافل اليتيم تنتهي مهمته عند بلوغ المكفول، وبذلك ينال أجر كفالة اليتيم ـ إن شاء الله تعالى؟ وهل معنى الحديث أنه يجاور النبي صلى الله عليه وسلم مهما عمل من سيئات؟ ورجل متزوج ميسور الحال ـ والحمد لله ـ يبحث عن زوجة ثانية تكون أرملة ولديها ولد وإن كانت أكبر منه وذلك بنية التعدد المشروع وكفالة اليتيم وتربيته على الشرع والسنة، مع العلم أنه لن يغير اسمه ولن يدعوه لغير أبيه، فهل تشيرون عليه بذلك؟ أرجو النصيحة، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما جاء في أجر كفالة اليتيم خاصة يرتفع بالبلوغ، لأن اليتيم بعد البلوغ ليس يتيما بحكم الشرع، جاء في الموسوعة الفقهية: اليتيم: بأنه من مات أبوه وهو دون البلوغ، لحديث: لا يتم بعد احتلام. وراجع الفتويين رقم: 21240، ورقم: 59947.

وأما ما سألت عنه من معنى الحديث: فالكافل مجاور قريب المنزلة من رسول الله صلى الله عليه وسلم قرب السبابة من الوسطى وإن كان بون ذلك في الجنة كبيرا، جاء في الاستذكار: قال أبو عمر: وهذه فضيلة عظيمة إلى كل من ضم يتيما إلى مائدته، وأنفق عليه من طوله، فإذا كان مع ذلك من الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا نال ذلك، وحسبك بها فضيلة وقربة من منزل النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، وليس بين السبابة والوسطى في الطول ولا في اللصوق كثير؛ وإن كان نسبة ذلك من سعة الجنة كثيرا. وقال الحافظ ابن حجر: ويكفي في إثبات قرب المنزلة من المنزلة أنه ليس بين الوسطى والسبابة أصبع أخرى.

وأما ما سألت عنه من قولك: مهما عمل من سيئات ـ فقد جاء في وراية الموطأ: أنا وكافل اليتيم، له أو لغيره، في الجنة كهاتين إذا اتقى. وصحح هذا الحديث الألباني في غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام.

وهذا القيد خصصه بعض شراح الحديث بالتقوى في شأن اليتيم، قال المناوي معلقا على هذا الحديث في فيض القدير: والمراد اتقى في التصرف لليتيم. وأطلقه بعضهم في التقوى عموما، قال الزرقاني: إذا اتقى الله تعالى بفعل أوامره واجتناب، نواهيه، ومن ذلك ما يتعلق باليتيم.

وبكل حال، فليس للعبد أن يرخي العنان لنفسه في المعاصي والمنهيات متكلا على كفالة اليتيم، فذلك ما لم يقل به قطعا قائل، وما يدريه أن الله تقبل منه ذلك العمل.

وأما ما سألت عنه من الزواج ثانية من أرملة بنية كفالة اليتيم، فلا شك أن الزواج بأرملة للقيام بحاجتها وحاجة أولادها أمر حسن إذا حسنت النية، وعلى كل حال ففي كل من الأمرين وهما كفالة أيتام فحسب، وكفالة أيتام وتزوج بأرملة بنية حسنة أجر كبير وخير كثير، علماً بأن قصد قضاء الشهوة من الزواج ليس قصداً سيئاً، بل إنه قربة من القرب إذا استحضر الشخص ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني