الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مدى اعتبار الأقوال المذكورة في السؤال كفرا

السؤال

هل جميع الأقوال التالية مكفرة:
1- القول إن الله قال: ثم ذكر بعده كلامًا من كلام البشر, كأنه يقول: إن الله تكلم بكلام البشر.
2- قول: "أغبى منك الله ما خلق".
3- "أنت تعبد النت عبادة" تقال لمسلم.
4- القول عن الحلال حرامًا, ليس لقصد إنكار الحرمة, إنما سخرية بالمبتدعة عند قول النكت عنهم, وأي منها تخرج من الملة عند قولها, حتى مع عدم إقامة حجة الردة - أي تأخذ حكم السخرية والاستهزاء بالدين -؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن التكفير ليس بالأمر السهل, فمن ثبت إسلامه بيقين فلا يزول إلا بيقين؛ إذ الأصل بقاء ما كان على ما كان, فلا يكفر المسلم إلا إذا أتى بقول, أو بفعل، أو اعتقاد دل الكتاب والسنة على كونه كفرًا أكبر مخرجًا من ملة الإسلام، أو أجمع العلماء على أنه كفر أكبر, ومع ذلك فلا يحكم بكفر المعين إلا إذا توفرت فيه شروط التكفير، وانتفت عنه موانعه، ومن ذلك أن يكون بالغًا، عاقلًا، مختارًا.

وإذا كان الكلام محتملًا معنى ليس دالًا على الكفر؛ فلا يكفر قائله - كما قال الملا علي قاري في شرح الشفا -: قال علماؤنا: إذا وجد تسعة وتسعون وجهًا تشير إلى تكفير مسلم, ووجه واحد على إبقائه على إسلامه, فينبغي للمفتي والقاضي أن يعملا بذلك الوجه، وهو مستفاد من قوله عليه السلام: ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم. انتهى.

وبالنسبة لما ذكرت من تلك الأقوال والعبارات فغير واضحة, لكن اعلم أن مجرد حكاية معنى كلام الله بأسلوب البشر جائز في الأصل, كما لو فسر أو ترجمت معانيه.

وقول القائل: ما خلق الله أغبى من فلان: لا يكفر به, ولكن هذا الإطلاق قد يجعل صاحبه كاذبًا إذ قد يوجد من يفوق المتكلم عنه في الغباء.

وأما قول: "أنت تعبد النت" فهذا يمكن حمله على المبالغة في انهماك المذكور في النت.

وأما تسمية الحلال حرامًا, وعكس ذلك, فهي محرمة, كما قال ناظم محارم اللسان:

تزيين ما الشارع قد شينه منها, ومنها ذم ما زينه

لذا مسمي الحرم باسم يوهم أن ليس حرمًا آثم, وآثم

آت بما يوهم منع الحل ومادح ظلم البغاة العدل. اهـ

ولا يقع الكفر بتحريم الحلال إلا في مجمع عليه معلوم من الدين بالضرورة, ففي الموسوعة الفقهية ما نصه: وكذلك يعتبر مرتدًا من اعتقد كذب النبي صلى الله عليه وسلم في بعض ما جاء به، ومن اعتقد حل شيء مجمع على تحريمه، كالزنا, وشرب الخمر، أو أنكر أمرًا معلومًا من الدين بالضرورة. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني