الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اتخاذ مصلى في البيت هل يأخذ حكم المسجد

السؤال

كان هناك في الماضي بيت لبعض أقاربي, وقد كان تابعًا لهذا البيت مصلى, ولكنه ليس مسجدًا - أقصد أنه لا يرفع فيه الأذان, وإنما لو أراد جماعة أن يصلوا فيه فإنهم يذهبون إلى ذلك المكان - وأهمل ذلك المصلى فترة, ثم أعيد بناء المنزل, وأثناء إعادة بناء المنزل هدم المصلى, ولم يقم مصلى آخر, وأقاربي الآن يريدون أن ينشئوا مسجدًا بجانب المنزل, أو يجعلوا في هذا المكان بيتًا, ثم يبحثوا عن أسرة تحتاج إلى ملجأ, ويسكنوا تلك الأسرة فيه, فأي العملين أفضل؟ وأيهما أكثر ثوابًا؟ وأيهما أولى؟ أرجو الإفادة - جزاكم الله خيرًا -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا شك أن في كلا العملين - بناء المسجد, وبناء بيت لأسرة محتاجة - خيرًا كثيرًا وأجرًا عظيمًا؛ فإذا لم يستطع أقاربك أن ينفذوا كلا العملين فينظروا أيهما أكثر إلحاحًا؛ فإذا وجدوا أسرة محتاجة لا تجد مأوى، ولم يكن أهل الحي بحاجة ملحة للمسجد فيقدموا بناء بيت للأسرة المحتاجة، وإن كانت الأسرة أقل حاجة وأهل الحي لم يكن لديهم مسجد أو قريبًا منهم, فالأولى تقديم المسجد؛ من باب ترتيب الأولويات, وتقديم الأهم فالأهم؛ فمن المعلوم - عند أهل العلم - أن المصالح إذا تزاحمت, ولم يمكن الجمع بينها قدم الأهم فالأهم، وأن المفاسد إذا تعارضت يدفع الأشد منها فالأشد, وقد بينا هذا المعنى في الفتويين: 50512 - 134609.

وما اتخذه أقاربك مصلى من بيتهم لا يعتبر مسجدًا ولا يأخذ حكم المسجد، إلا إذا كانوا بنوه على هيئة المسجد, وأذنوا فيه بالصلاة إذنًا عامًا - ولو لم يرفع فيه الأذان - وفي هذه الحالة فإنه يعتبر وقفًا، ولا يصح بناء غير المسجد في مكانه؛ جاء في مواهب الجليل شرح مختصر خليل المالكي فيما يثبت به الوقف: وَلَوْ بَنَى مَسْجِدًا وَأَذِنَ فِي الصَّلَاةِ فِيهِ, فَذَلِكَ كَالصَّرِيحِ؛ لِأَنَّهُ وَقْفٌ, وَإِنْ لَمْ يَخُصَّ زَمَانًا, وَلَا شَخْصًا, وَلَا قَيَّدَ الصَّلَاةَ فِيهِ بِفَرْضٍ وَلَا نَفْلٍ, فَلَا يُحْتَاجُ إلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ, وَيُحْكَمُ بِوَقْفِيَّتِهِ. انْتَهَى.

وجاء في منتهى الإرادات للبهوتي الحنبلي: (وَيَحْصُلُ) الْوَقْفُ حُكْمًا (بِفِعْلٍ مَعَ) شَيْءٍ (دَالٍّ عَلَيْهِ) أَيْ: الْوَقْفِ (عُرْفًا) لِمُشَارَكَتِهِ الْقَوْلَ فِي الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ (كَأَنْ يَبْنِي بُنْيَانًا عَلَى هَيْئَةِ مَسْجِدٍ, وَيَأْذَنَ إذْنًا عَامًّا فِي الصَّلَاةِ فِيهِ) وَلَوْ بِفَتْحِ الْأَبْوَابِ, أَوْ التَّأْذِينِ, أَوْ كِتَابَةِ لَوْحٍ بِالْإِذْنِ, أَوْ الْوَقْفِ, قَالَهُ الْحَارِثِيُّ, وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ بَيْتَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَأَذَّنَ فِيهِ, وَلَوْ نَوَى خِلَافَهُ, نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ, أَيْ: لَا أَثَرَ لِنِيَّةٍ خِلَافَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْفِعْلُ.

وعلى اعتبار أنه وقف فإنه يتعين على من هدمه إعادة بنائه, ولمعرفة حكم التصرف في الوقف انظر الفتوى: 28743.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني