الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النصح المستمر للأب الوالغ في المعصية مع الدعاء

السؤال

تغير والدي كثيراً، فهو يخرج من الصباح ويعود في الليل، ويقول شخص من أهلي إنه رأى والدي في سيارته معه نساء لا نعرف من هن، ويقوم والدي بالتزوير والسرقة والرشوة، ولا نعلم ماذا أيضاً.
المشكلة أنني لا أستطيع أن أخبره أن ما يفعله حرام، لكن المشكلة وقعت على والدتي، وأيضاً لا يتغدى معنا في البيت، فهو مع أصدقائه أصدقاء السوء، والمشكلة أن أعمامي وأخوالي يعلمون بذلك، ولقد تسربت هذه المعلومات إلى أهلي في أمريكا وبريطانيا وكندا ومصر وايطاليا، ولقد أخبرت أمي ابن عمي وهو شخص متدين بأن يخبره بأن هذا العمل الذي يقوم به لا يجوز، ولكنها لم تنفع، والدي لا يقوم بواجباته تجاه أمي وأبنائه، والله إنني كنت أقوم بلصق أوراق على الباب تتحدث عن القبر وعن الآخرة وعن العذاب، لأني أخاف على والدي أن يدخل النار. فماذا أفعل، فأنا حائرة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيراً على اهتمامك بأمر والدك، والسعي في انقاذه مما هو فيه من أسباب المهالك والشرور، والقيام بواجب الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [آل عمران:110]. وقال صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم.

ولم يفرق الشرع في ذلك بين أحد، فكل من يستطيع أن يقوم بهذا الواجب فهو مطالب به، ومسؤول عنه، وأب هذا حاله حري بأن يشفق عليه من يعرفه، ويحزن لحاله أقرباؤه وذووه، فقد وقع في صحبة الأشرار، التي هي طريق النار، وهذا الإقبال على صحبة الأشرار وما تستلزمه يتطلب منه كثيراً من الأموال، التي لا يستطيع الحصول عليها بطرق مشروعة فوقع في التزوير والسرقة والرشوة، والواجب عليكم الآن أن تسلكوا السبل التي تساعدكم على إنقاذه، وأهمها النصح الدائم، بالحكمة والموعظة الحسنة، وتوسيط أهل الخير في إرشاده وتوجيهه، والتوجه إلى الله تعالى بالدعاء له بصلاح حاله.

وإننا لننصح هذا الأب بترك ما هو عليه قبل أن يفجأه الموت، فلا يجد عملاً صالحاً ينجيه من عذاب الله وأليم عقابه، قال تعالى: وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ* وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الزمر:54-55].

وليعلم أن الله تعالى يقبل توبة عبده إذا تاب إليه، ولو بلغت ذنوبه عنان السماء، فرحمة الله أوسع من ذنوب العالمين، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53].

ولمعرفة التوبة بشروطها، وما يعين عليها راجعي الفتاوى التالية: 5450، 19812، 17998.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني